في تلك الليلة همست أزاهير الحقل: "صباح العطر"
أجبتها: "عطرك منعش يا أزاهيري، يحمل أنفاسيَ على أجنحة الحبّ الى حبيبتي السابحة في أحلامي الليليّة".
قالت: "طوبى لك يا عريس الحقيقة ويا سبيل التائهين في أزقّة الحياة. أنت مخلّص الطبيعة ومنقذ الجمال و..."
قاطعتها: "وقاطف الأزهار وناثرها على أقدام الجبل الواقف في وجه السهل الهارب. أنا يا أزاهيري إنسان وقاتل إنسان لأنّي ابن الإنسان، وقاتل لأنّي جاهل الحقّ يا أميرتي العاشقة صدر الأرض. لست أنا العريس المنتظر، ولا سبيل التائهين. أنا التائه في الظلام والظلم، أنا الحالم الناقل صور الموت والغياب. شمس أنا نورها عتم وعقم. يا أميرة الطبيعة اقتلي جسدي علّ روحي تنجب آخرَ، واقتلي روحي علّها تُنقَذ من جسد إنسان. ردّيني زهرة خارجة من جسد أمّك، تتسلّق الأشواك على عنقي غير قادرة على خنقي أو محو إبداعي، بدل كَوني شوكة تحاول التعملق على عنقك أميرتي الزهرة، لو تردّني حكمتك الى الأصل فنفسي ضجرت من المِثل، ولو أعود كلًّا تعبت من الجزء. لو تنهمر روحي لترويَ ترابي، لو أعود طفلًا صعقته الحقيقة ونفخه البحث، بدل الجثّة المنحوتة في جلدي. ردّوني يا أنس إليها. (وألتفت الى جبل عالٍ)، ردّوني الى أزاهير العالم كلّها. (وأصعد جاهدًا الى الجبل حيث انبسطت على سفحه أشواك البشر)، انثروني غبارًا لأكون في الأزاهير كلّها. فأنا لم أعد أرغب في إنسانيّتي، ضجرت من غرورها... (وأضع يديّ على خدّيّ وأغوص في تأمّلات بعيدة)، أنا لم أعد أرغب في إنسانيّتي ضجرت من غرورها، أريد حرّية الغبار وأريد هروبه في حقول وسهول هاربة، لا أريد إلاّ للنور أن يُظهرني كما أظهره. أريد الانتشار في أنفاس الكلّ لأحلّ عقدة الحياة والموت، وأشرب كأسي وحدي، أنا وحدي، وحدي زهرة في أشواك العالم، شوكة في أزهار الطبيعة. جزء من خليّة في خلايا جسد الله.