يميلُ العالم إلى الغرابة، خاصة بعد انتشار السوشال ميديا بشكلٍ واسعٍ، وبعد سيطرة البوهيمية على حياة الناس بشكلٍ عامٍ والمشاهير بشكلٍ خاصٍّ. وتعتبر البوهيمية نمط الحياة أو المعتقد الأسرع نموًا في العالم. وقد ظهر استخدام كلمة "البوهيمية" لأول مرة في اللغة الإنكليزية في القرن التاسع عشر لوصف أنماط الحياة غير التقليدية للفنّانين المهمّشين والفقراء والكتاب والصحافيين والموسيقيين والممثلين غير التقليديين في المدن الأوروبية الكبرى، غيرَ أنّ أصولها تعود لتاريخٍ قديم يتضمّن عناصر اللاهوت والإيديولوجيا والميثولوجيا والروحانية، وهي أيضًا طريقة حياة تركّز على الفرد وتأثيره في العالم من حوله.
ساهمت جائحة كورونا التي ألزمت العالم بحجرٍ لشهورٍ طويلة في أن تعزز هذا المفهوم، لا سيّما عند رواد السوشال ميديا؛ ومثال ذلك الهواية الغريبة للشاب يوسف إبراهيم، الذي كان يقوم، إلى جانب وظيفته كمدير شركة سيغافريدو الإيطالية في السعودية، بالانتشار على السوشال ميديا باسم (jo drinks)، فحصد مئات آلاف المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي بفضل هواية تذوّق خلطات المشروبات الغريبة. وبما أنه لا يشرب الكحول فقد تحدّى نفسه بإبداع مختلف الخلطات والنكهات، ولكن من دون إضافة الكحول. وبسبب عمله في مجال القهوة، وجد مساحته الشخصيّة بتجربة الخلطات والنكهات المختلفة. وبما أن المحتوى نادر في الشرق الأوسط، بدأت شهرته تتّسع، وبدأت قنوات التلفزيون تتواصل معه، ومنها قناة روتانا، والقناة السعودية الأولى، وإذاعة UFM، والإذاعة السعودية، بفضل تميّزه كصانع محتوى بطريقة تصويره وعرضه الشيّق للموضوع، عدا عن تطوّره لاحتراف الموضوع باتّباع الخلطات التي تستدعي معرفة واسعة بالمقادير للحصول على طعمة مشروب مذهل، ممّا جعله يوسّع حلمه، وينتقل لتأليف كتابٍ يُعتبر الأول من نوعه في العالم العربي، حيث يشرح فيه فنّ الميكسولوجي mixology، وهو فن خلط المشروبات والعصائر الباردة؛ ذلك لأنه يرفض أن يكون تركيب الخلطات محض صدفة. وبرأيه، يجب أن تكون الخلطات مدروسة لتعطي شعور تذوّق رائعاً، يوقظ الحواس؛ فلديه خلطات تبدأ عند تذوّقها بطعم، وتنتهي بطعم آخر، وذلك بسبب تركيزه على مناطق التذوّق في اللسان؛ لا، بل لديه خلطات لا يمكنك الإحساس بالطعم المميّز لها إلا بعد شربها كاملة after testing، بالإضافة إلى نوع آخر من المشروبات التي يتميّز بها يوسف إبراهيم، وهي خلطات تخلق شعورين متداخلين بالطعم.
برأي يوسف: الأمور تحتاج دراسة وفهماً للمكونات، لتتمكن في ما بعد من الارتجال في الخلطات كمحترف. الموضوع بحاجة إلى دراسة ثمّ إلى تجارب، قبل أن يأتي الإبداع، فلا شيء يأتي مصادفةً؛ وكلّ شيء في هذه الحياة بحاجة إلى دراسة وتركيز وتمرين من أجل الوصول إلى التميّز.