النهار

ذاكرة الإجرام!
أهراءات المرفأ، ذاكرة وطنٍ ضائع، مجسّدٌ للإجرام الذي يُشبه مجسّمٌ يخبئ آلاف القصص وأسرار الشهداء
A+   A-
أهراءات المرفأ، ذاكرة وطنٍ ضائع، مجسّدٌ للإجرام الذي يُشبه مجسّمٌ يخبئ آلاف القصص وأسرار الشهداء،
إأهراءات المرفأ، صوامع، صمدت لتتحدى كميّة الجهل والتقصير بحقّ هذا البلد المقدّس وشعبه الجبّار البريء،
أهراءات المرفأ جسمّ ممزّق يئنّ بصمت، يشبه وجه كلّ شهيد رحل أو ما زال حيّاً، ويرتدي رداءه المبلول بالدماء والألم، معطّراً بأكسير الحقيقة ورائحة الندى التي تلتصق لتدغدغ الضمير.
عنبرٌ دمّروه ببرودة فصمد شامخاً ينادي بعدالة من رحلوا غدراً ليشفي غليل أحبّاءهم الذين أصبح الحزن مسكنهم والغضب العارم ضباب صدورهم والغصّة تشدّ أعناقهم تخنق قلوبهم حتى اتحاد عدالة السماوات بعدالة الأرض.
أهراءات المرفأ مطرقة الحقّ تلاحق المجرمين، تخيفهم، في لياليهم توقظهم، إذ من خلالها يدركون فظاعة أجرامهم وشدّة بشاعتهم وظلام قلوبهم، فهم السفّاحون الذين باعوا ضميرهم لشيطان السلطة وكراسي الظلم وعقيدة الجهل والحرب بوجه السلام والحقّ والإنسان.
أهراءات المرفأ صوامعُ الحقيقة، ذاكرة الإجرام، مشنقة القاتل البارد.
صوامع المرفأ تغطّت بوشاح أمّ الشهيد، قلبها يبكي دماء وعلى حدس الأمّ لن يهدّم دليل، فقافلة الحقّ لا من يوقفها وحكاية شعبٍ يقاوم بالمحبّة، بالعنفوان، بالسلم، بالحقّ والعدالة، شعب ينتمي فقط للبنان يتساوى أمام اللّه والأديان، شعب يحبّ الفنّ الثقافة والأرض والأنسان، شعبٌ ثورته كانت اتّحاد إبداع ومساواة.
فلتبقَ الأهراءات صامدة بوجههم، ولتبقى ذكرى 4 آب ذبيحة لبنان الحلم، لعلها تنبت عنبراً يرضى عنه الإله، يعبق سلام أمل وياسمين،
فالويل لهم ولإرهاب قلوبهم وهم يحضّرون مأتماً جديداً ويتلذّذون بكفن أهالي الضحايا هذه المرٌة، فيقفون لامبالين وغير آبهين بسيول البكاء وأعداد المقابر، ولا يأبهون بنار الجحيم التي تتصاعد من الصوامع وستكون مستقبلاً نار جحيمهم، لا يأبهون بحرقة الأم والأخت والآباء والأبناء.. بشرههم، هروبهم وبراءتهم فقط يأبهون.
فهبوط الصوامع يزيل عبء الإثبات الثقيل عن كاهل أكتافهم المحمّلة ببدلات الأجساد الهالكة من حجم الإجرام، يتفرّجون عليها تتهدّم بعد إقناعنا بأن هنالك بالفعل حريقاً ناره لا تطفأ، يستغبوننا، يستغلّوننا ليغتالونا ويغتالوا بيروت مرّة جديدة وجريمتهم مستمرّة والقتلة معروفون، مسيرتهم يكملون ولا من يوقفهم يحاسبهم أو يجرؤ على أن يسأل.
إنها حكاية أهراءات لبنان، صوامع هذا الإنسان، ذكرى جلجلة وطن ووحشيّة أشباه البشر.
فلتبقَ تناضل حتى آخر نفس وآخر حجر لتقول لهم: واحداً واحداً نعرفكم، وبالأسماء نسمّيكم، ومن قبح نفوسكم نغربلكم ومعالم الجريمة تخطّ تجاعيد وجوهكم، ومهما أخفيتم من أدلّة أو تهرّبتم من الحقيقة الساطعة فميزان العدالة سيلاحقكم وقوس الحقّ سيحكم عليكم لترقد نفوس الأبرياء بسلام وعلى أرواح القتلة فقط نتلو الصلاة.


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium