النهار

المودعون ودببة السيرك
المصدر: النهار - سعد نسيب عطاالله
المودعون ودببة السيرك
يسمح لي المصرف بسحب مبلغ خمسة ملايين ليرة شهريًّا، من الصرّاف الآليّ
A+   A-
يسمح لي المصرف بسحب مبلغ خمسة ملايين ليرة شهريًّا، من الصرّاف الآليّ، بمعدل ثمانية آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد، وعليه، يحسم من حسابي المصرفيّ المودع بالدولار مبلغ 625 دولارًا، بناء على التعميم رقم ١٥٨ الصادر عن حاكم مصرف لبنان.
لو احتسبنا أنّ معدل صرف الدولار الواحد في السوق السوداء يساوي ثلاثين الف ليرة، يكون المصرف قد سدّد لي مبلغ خمسة ملايين ليرة فقط من المبلغ الحقيقي الذي هو ٦٢٥ × ٣٠٠٠٠ = ١٨،٧٥٠،٠٠٠ مليون ليرة؛ ويحتسب المبلغ الفائض الباقي، وهو ١٣،٧٥٠،٠٠٠ ليرة، "كسبًا شرعيًّا" للمصرف.
بكلام آخر، يتوجّب عليّ سداد ضريبة شهرية للمصرف قدرها ١٣،٧٥٠،٠٠٠ بعد كلّ عملية سحب مالية، بتغطية من تعميم غير قانوني جائر وباطل، صادر عن حاكم مصرف لبنان، دون وجه حق!
على الوجه الآخر، أشكو من القيمة الباهظة لفاتورة المولّد الكهربائي الشهرية التي تناهز الثلاثة ملايين ليرة، محتسبة على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، مقابل توفير الإنارة طوال شهر كامل، ولا أشكو فعليًّا من فاتورة ضريبة المصرف الشهرية التي تساوي مبلغ ١٣،٧٥٠،٠٠٠ مليون ليرة، مقابل لا شيء، التي هي عملية نصب واختلاس موصوفة وموثقة في مستندات المصرف!
بناء على أيّ قانون أو دستور أو شرع، يسمح للمصرف ويحلل له سرقة ونصب واختلاس جنى العمر؟
لقد أوقع المصرف المركزي، بالتكافل والتضامن مع جمعية المصارف، المودعين في ورطة اللهو بـ"لحسة" منصّةsayrafa المشؤومة، حيث يتهافتون ويتسابقون للحصول على المئة دولار من sayrafa ثم الهرولة إلى أقرب محل صيرفة، لتحقيق فارق مالي بسيط، غافلين عن الملايين التي يخسرونها بعد عمليات المصرف الاختلاسية الموصوفة!
لست أرى شبيهًا لهذا الإلهاء البشري العارم سوى مشهد الدببة في السيرك التي تنهي عروضها بالهرولة للحصول على حبوب الحلوى من مدربها الماكر!
ما أشبه المودعين المساكين بدببة السيرك!
ما أشبه جبن المودعين باستغلال دببة السيرك!
لا شبيه لما يحصل حاليًّا للمودعين في تاريخ البشرية!


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium