النهار

قلمي ينزف
قلمي ينزف من كثرة العذاب، ينزف بشدّة لا من علاج ولا من دواء يقلل نزف الجرح
A+   A-
قلمي ينزف من كثرة العذاب، ينزف بشدّة لا من علاج ولا من دواء يقلل نزف الجرح. تدهورت الحالة أكثر وأكثر، ابتدأ الأمر بوعكة صحية، لكن سرعان ما انخفضت نسبة التحسن لتصل إلى ما دون الصفر فالعدم. لطالما كان يصارع للنجاة من بين السطور خصوصاً من فخاخ المشاعر المزيفة التي يقوم بكتابتها. يتكلم عن الحب، الفرح، النجاح، الألم... كل ما يفكر به يدونه على ورقة الذكريات الوفية لصداقته بدون هتّها لزيارته فقط عند الضرورة. قلمي يشبه وطني الصغير، موطني المعَذب والمُعذِب، ما من بلسم يطهر الجرح ولا من مسكّن يطبب الروح والجسد. 10452 كلم2 يصرخ أنقذوني، يريد الراحة... لكن أيستحقها فعلاً؟ أيستحق الشعور بالسلام رغم الحروب الطاحنة لأرزه الجبّار؟ وصف تلك الأمور في كل مرّة كالمرور على الجرح وإضرام النار فيه. انعدمت المشاعر والأحاسيس لوصف كل ما يمر به البلد، نعيد ونكرر أخباراً سيئة ومشاكل متناقضة بين الواقع واللاواقع. الحقيقة تتأرجح كجثة هامدة وكل من السياسيين يرمي التهم عند الفريق الآخر. "يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ". (مز 22: 18)، تلك الآية تختصر وضع لبنان، اقتسموا الوزرات، الأملاك، الأراضي، سرقة المال، الهدر، الفساد... وكل منهم يراهن بأقل أو أكثر على ما اقتسموه. مهزلة تتبعها مهزلة أخرى... اقتسوا 10452كلم2 إلى 10452 قطعة. لم البكاء على الأطلال والعيش بأمجداد الماضي وفخر الشرق حيث لم يتبقَّ سوى جزيئات مبعثرة ضائعة لا أحد يهتم لجمعها؟ تناقض وانفصام يعيشها أهل البلد بين هجرة الوطن والبقاء لأجله. كم هو مؤلم هذا الشعور! أصبح سوسة تنخر أكثر مع مرور الأيام بسبب الإهمال. انتفخ صدري من ورم الفساد وتشنج قلمي من بلسمة الأمور. دعوني ألملم الشتات المتراكم فلا أحد يظهرها على السوشيل ميديا. اطلبوا المساعدة فالأمر لم يعد يحتمل، قد نكاد نتحلل مع مرور السنين ونذوب بهوية لا تعبر عما نحن عليه فعلاً.




الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium