تكلم يا قلبي فالجراح التأمت وأنت لا تزال تنزف.
أنت تنزف لكنك تنطق بأعذب الأسماء.
تكلم يا قلبي واقطع حبال الصمت.
تكلم يا قلبي واعزف على أوتار ماضيك المعذب لحن سعادتك الآتية.
تكلم لتعيد بنا الذاكرة الى ما شوهته الحرب، الى ما رأت عيناي في لبنان
والى ما ذاق من مرّ العذاب ولعنة القدر.
أجيال مرت وأجيال تأتي ولا يزال الإنسان فيه ضحية الجلادين
ورهينة الجشع والاستغلال.
تلك أجيال مرت مرور الذئاب الخاطفة بين المدافن،
لكنّ صدى عويلها تردّده الغابات والكهوف المهجورة.
اسكت يا قلبي ولا تبح بأسرارك الى أبناء الأرض..
فإن كان صباحهم ظلامًا، فليلهم كيف يكون؟
فاليد التي لم ترفع كأس المرارة عن شفاهنا
لن تستطيع أن تسكب في قلوبنا الحنان.
تكلم يا قلبي ولتكن كلماتك مجنّحة..
أو اسكت وكن كملحد يحمل كتاب صلاة.
وما بين الكلام والسكوت اعتراف مقدس
من فتاة بريئة تحمل في قلبها نصرًا أكيدًا.
تزعم أنّها تضاهي عشتروت جمالًا
وأنّ عنتر عندما رآها توقّف عن مغازلة عبلة
وقيس فقد صوابه بسببها عوضًا عن ليلى
وروميو مات يأسًا لأنّها رفضت لقاءه.
هي فتاة أضاعت قلبها وأخذت تفتش عنه في أحلامها وبين أقلامها
لكنّها وجدته في أعماق نظرتها وفي صلواتها وعلى أرصفة تخيلاتها.
تكلم يا قلبي واهزم أحزانك، فالحياة طفل ينبغي ملاطفته حتى ينام
وملاعبته حتى يهدأ، ومداراته حتى ينمو ويشتد.
أو اصمت يا قلبي وكن كحيّ ميت يلعن الحياة،
ومن صمته يتصاعد بخور الى سماء مرصعة بالنجوم.
لقد شطروك أيها القلب قسمين
قسم حرّ طليق ثرثار يتكلم وقسم مقيّد غامض أبكم
لكنّ القسم الأبكم أشدّ تعبيرًا وبلاغة عن مكنونات ذاته
فلا نفع للكلام وللنصائح بعد فوات الأوان.
وما أهوائي فيك سوى حبّ وحرب وانتقام.
فكيف أثأر لذاتي؟ كيف أثأر لكبريائي؟ وكيف أثأر للغد الآتي؟
وعندما هممت لأداويه، تحوّل قلبي عني.
والآن يا قلبي يعز عليّ عذابك ولا أطلب منك الّا الصمت.
كي أهدأ وأخمد نار غضبي ولكن إيّاك أن تلمس يدي فتحترق!
هما تحملان شعلة الطموح المقدسة.
لا تريحني الشكوى ولا تروي غليلي الكلمات الفارغة
ولكنّي سأقول لك أنّي انتظرت وانتظرت عمرًا طويلًا
وإني الآن غاضبة!