النهار

غاز منطقة الشرق الأوسط وأهمية لبنان الاستراتيجية
المصدر: النهار - نادر حسان صفا
غاز منطقة الشرق الأوسط وأهمية لبنان الاستراتيجية
تعتبر منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية قصوى لدى الدول الكبرى ودوائر صنع القرار نظراً إلى موقعها الاستراتيجي
A+   A-
تعتبر منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية قصوى لدى الدول الكبرى ودوائر صنع القرار نظراً إلى موقعها الاستراتيجي وتحكّمها بمجموعة ممرّات مائيّة استراتيجية والعديد من القنوات والبحار. وهذا الأمر يخوّلها أن تؤدّي الدور المحرك لكلّ مسارات نقل البترول والموادّ الأولية للدول الكبرى والصناعية.
تمتلك منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط - على سبيل المثال - ثروة ضخمة من الغاز استناداً إلى المسوحات التي حصلت في هذه المنطقة، وأهمّها هيئة المسح الجيولوجي الأميركي، إذ تشير التقديرات الأولية إلى وجود 122 تريليون قدم مكعّبة من الغاز. وقسّمت الدراسات والمسوحات هذه الثروة بين مصر، التي قدرت ثروتها من الغاز بـ30 تريليون قدم مكعّبة، فلسطين المحتلّة 27 تريليون قدم مكعّبة، وقبرص 10 تريليونات قدم مكعّبة، بما يعني أن هناك ما يقرب من 55 تريليون قدم مكعّبة مقسّمة بين الحقول اللبنانية والسورية.
ما من شك أن هذا الموقع المميّز للحوض الشرقي للبحر المتوسط، حيث تكمن هذه الثروة الضخمة من الغاز، الذي ستسعى الدول الكبرى في السنوات المقبلة لاعتماده بشكل أساسيّ بديلاً للنفط في توليد الطاقة وتشغيل المعامل الصناعية، قد فتح شهية هذه الدول للقدوم ووضع الخطط المسقبلية لاستيراد الغاز عبر إنشاء منتدى غاز الشرق الأوسط، الذي سوف يشغل الدور الأساسي في التعاون بين منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، وفي ربط غاز هذه المنطقة بالغاز البديل عن الغاز الروسي، بالرغم من الفوارق في الكميّات. ولكن خروج لبنان من هذه المعادلة بسبب عداوته الدائمة مع إسرائيل عرّضه للكثير من الضغوطات الاقتصادية والمالية إلى جانب تأخّره في إكمال مسار أنشطته البتروليّة لسنوات طويلة، بالرغم من تلزيم أهمّ الشركات لإتمام عمليات الاستكشاف والاستخراج في كلٍّ من البلوك 4 و9، وإتمام ملفّ التفاوض غير المباشر في ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
بعد خروج شركة نوفاتك الروسية من لبنان بسبب العقوبات التي طالت الشركات الروسية وعدم قدرتها على تحويل العملات الصعبة، فتح الباب أمام قطر للطاقة لكي تكون بديلاً عنها، وجرى التوقيع على الملحقين التعديليين للاتفاقيتين الموقّعتين بين الكونسورتيوم والحكومة اللبنانية، من أجل القيام بعمليات الاستكشاف والإنتاج في البلوك "4" و "9" في المنطقة الاقتصادية اللبنانية. وبموجب هذه الاتفاقية استحوذت قطر للطاقة على حقوق استكشاف بنسبة 30 في المئة، وإيني الإيطالية 35 في المئة، وتوتال الفرنسية 35 في المئة. وأعطيت الوعود للجانب اللبنانيّ من حيث لإكمال عمليّات حفر بئر استكشافيّة ثانية في البلوك رقم 4، وحفر بئر استكشافية أولى في البلوك رقم 9، الذي عُرقل العمل فيه لسنوات بسبب الضغط الخارجيّ على الشركات.
تبقى هذه الثروة النعمة القادرة بمثابة خشبة الخلاص للبنان من واقعه الاقتصادي المتردّي في ما لو تمّ وضع خطة جدّية ومواكبتها بوساطة النظام الاقتصادي، والبنية التحتية الداعمة لهذا القطاع، والصندوق السيادي، واستراتيجية التعاون مع الدول المجاورة من أجل خلق منافسة قوية في الأسواق التصديرية للغاز مع منتدى غاز شرق المتوسّط.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium