النهار

رأس الحكمة
بحثتُ لسنين عن جوهرالعلاقة بين الرجل والمرأة فلم أرَ شيئاً ملفِتاً ولا شيئاً نافِراً
A+   A-
بحثتُ لسنين عن جوهرالعلاقة بين الرجل والمرأة فلم أرَ شيئاً ملفِتاً ولا شيئاً نافِراً، بل رأيتُ أنساً وجاناً، أنساً في المحبة والترقّي والتسامي في عمل ِالخدمة والمبادلة بالخير، في الصبر على الشِّدة وفي احتمال الغير، في الحنوِّ على الآخر، في معرفة خفايا النفس وفي طاعةِ المحبة التي لا تعرف حدوداً.
ومن ثمَّ رأيتُ جاناً عند التناحر والتنافر والخصام، جاناً لشرّ في الفضيلة وفي عمل الرذيلة وفي مبادلة الشرّ بالشرّ، رأيتُ وجوهاً كالحة وأياديَ مشدودةَ القبضات وعيوناً متسمِّرة النظرات وفحشاً وزندقةً واغتماماً، رأيت في التنافر بُعدَ خصام وزلّة وحشرجة أنفاس مذلّة وتدنّياً في علم الأنسنة، ومسطرةً على رفّ وعصا ملكٍ أرعن وتسلطاً في حقٍّ مزور وإدمان.
جسدك الآخر روحك الباقية، به تُنزلُ الجمال متى أردت، به ترفع مزايا الخليقة، به تعرف أنّ الله خلق الفرادة والحبّ والسعادة.
خلق تكامل الأجساد المولودة من غرائز، جمع في الروح ما تتناقله الأهواء، تُبارك عمله المتقن في رسم الخطوط، وغطائه الرمزي للخطيئة.
اعلموا أن الرجل هو كلُّ المرأة، والمرأة هي من ضلعِ الكُلِّ، عقله المدبر وحكمته المطلقة وفلسفته الأبدية.
اعرفوا أنّ المخلوق من سديم، غدا سحراً من ماء ودم خالطه شعورُ الجنّة.
اعلموا أنّ الخبز يحيي تلك الخلجات الدافئة، لكنَّ الحنوّ والعطف يشرق كنوزها المدفونة في أعماق الأسرار.
اعلموا أنّ الحبّ ميزان الخلق، به تكتمل أجزاؤنا الناقصة وأهواؤنا المنتقصة وأتعابنا المتدرجة، به تنطفئ قيمنا وبجهده تتجدّد طاقاتنا، منه نغرف ألفتنا ومنه نخرج نسيم الريح الأسمى، به نتوالد تحت عين الشمس.
سيحكم العدل ويزهق الباطل ويموت الظلم والاستبداد ومن خلف الدشم المتبقية ورماد القبور الخاوية وبقايا الأبنية الإسمنتية، ستبزغ شمس الحرية وستظهر السيدة الأزلية مكللة بلون الشمس وعطرها وبهائها ومن جبروتها ستولد أطياف الحكمة والحق وسترتفع سيوف من الرمزية من معدن النور وليس من معادن المادة، وستبسط أجنحتها على الارض وتظللها من نور المجرة، ولا بد لها أن تحكم حتى تطأ رجلها رأس الحيّة المتجسدة في كلّ ظلم وتشرُّد ورزيلة، ولترتفع بأصوات البشرية الى مصاف الآلهة التي لونها على مثالها حرّة أبية.


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium