ما سرك يا لهفة الروح يا نسمة الحياة. ما هذا الخفي الآسر الأخّاذ البديع في حنايا روحك والذي ميزك الله به عن الآخرين. وكأن في عينيك بريق من السماء يعكس ما في قلبك من نور الحنان والطهارة ويسكب في مقلتي فقط من بين كل البشر شعاع السلام والبراءة والقوة. غريب ساحر رابط روحنا، نادر بل الوحيد في هذا العالم في قوة اتحادنا ولغة أعماقنا الفريدة. إنه سفينة الأمل والنور أتت إلينا ونحن في لحظة الغرق في محيط هذا العالم وانتشلتنا من الضياع، من اليأس والانكسار لهذا المجتمع وتقاليده وأعرافه. إنه لمعة شعّت من السماء وغمرتنا معاً فغدونا روحاً واحدة جبارة لا تغلبها كل مصاعب الدنيا ولا تهزمها كل الأقدار. وفي أوقات مواجهة الأزمات والضيم نرى ونشعر بلمسة أمّنا وبيد خالقنا تعانقاننا وتحضناننا ثم تحملاننا من لجّة الصعاب الى واحة الأمان والسلام.
أنت نعم أنت ملاك روحي وموطني الذي وُجدتُ فيه قبل أن آتي إلى هذا العالم، وبعد أن افترقنا عدنا والتقينا إلى الأبد. نعم نحن غرباء في هذه الدنيا وبين بشرها بأجسادنا، ولكننا نحيا معاً وللأبد بروحنا الواحدة، منها نتنفس الوجود وننمو في القيم والأخلاق ونرسم أحلامنا التي تلامس الشمس ونحققها بإرادتنا الدفينة في قلبينا معاً. هناك نلتقي دون شرط أو خوف، هناك يمسك الصبي يد حبيبته الصغيرة ويركضان معاً في مروج العمر، هناك لا أحد يفهم لغتنا ولا أحد يرانا، في تلك اللحظات نبتعد عن الأرض آلاف السنين الضوئية ونرسو بمركب حبنا الطاهر في ميناء مشاعرنا وأفكارنا فنرتوي من رابطنا ترياق الحياة. ابقي كما أنتِ، كما عرفتك: ملاكاً يقطن في أعماقك، سيدة حكيمة أنيقة مميزة تحيا في فكرك، رونقاً ساحراً روعة في تقاسيم وجهك ولمعة خلّاقة في عينيك، شعرك فيه جمال يتدفق كشلال يروي الليل من سواده الجذاب الفتان وبركان من الإيمان يتفجر في حنايا روحك. ابقي كما أنت متخفية في ثوب جسدك أمام الناس واحمي روحك بوصايانا المقدسة وبدرع من خفقان فؤادي مجبول من ومضات صدقي وحقيقة وجودي.
أحبك يا مسكن روحي ومرقد كياني، فأنا أنت وأنت أنا إلى الأبد.