في قصدة نزار قباني يا ست الدنيا يا بيروت يقول "قومي من نومكِ، يا سلطانة، يا نوّارة، يا قنديلاً مشتعلاً في القلب. قومي كي يبقى العالم يا بيروت، ونبقى نحن... ويبقى الحب"- فسلاماً إلى أمٍ حضنتنا و حملتنا على أكتافٍ أهلكتها الأيام و أرهقتها السنين لكن ناضلت و ما استسلمت أبداً..
إليك يا بيروت يا زهرة الشرق يا أيتها الأبية و المجيدة، إلى شوارعك المفعمة بالحياة و أزقتك الضاجة بالألفة، تدنوا قلوبنا حباً اليوم و في كل يوم..
لطالما كنتي قوية فلم تغرب شمسك إلا لتشرق بأشعة الأمل و الإستمرارية، و لطالما مرّت بين زواياكِ الأحزان و الفقد فلم تمضي إلا بصلابتك مخلّفةً العزة و الشموخ. اعتدت دائماً على شبابٍ ترعرعوا في ديارك، ناضلوا مع أسوء و أقصى الظروف ثم صنعوا مجد العلم و المعرفة و الانفتاح الحقيقي ليخرجوا من رحم الوجع قادةً أقوياء مبدعين حيث يقول الشاعر ننّوس اليوناني في ملحمة بيروت الميمونة: يا بيروت، أنتِ أرض العدالة، مدينة الشرائع، عرزال البهجة، معبد كلّ حبّ، نجمة بلاد لبنان".
تمرُّ الجراح و تخمد نيران الصراعات و المشاكل و يبقى اللبنانيون أخوة مهما دار الزمن، تجمعهم بيروت بقلبها و حلاوتها فتنزع الانقسامات و تزرع المحبة و التنوع في عروق الأجيال. ففي خضم كل ما عاشه اللبنانيون، مع صعوبة الشهيق و الزفير و الفقد و الآلام المستمرة اللامتناهية، بقت بيروت قطعة لا تتجزأ من خبزهم اليومي، من حزنهم و فرحهم و تعبهم، سيتشفون منها الأمل فيرممون دمارها و يهدمون جدران التفرقة و يحطمون اليأس بروحهم التي تأبى الانهزام حيث ستبقى بيروت ناهضةً تمسح عن جبين أيامهم عرق الحزن و ألم الفقد لتبدّلها بالرجاء و الأمل. فكما قال الشاعر "بيروت إذا أردت أن تقدّم تعريفاً مناسباً لها فلن تجد مهما أجهدت ذهنك شيئاً تقوله سوى أنّها... بيروت!"