بين شروق الشمس وغروبها تنهض بنا الحياة
وتزيل ستائر الخوف والخجل عن أيامها ولياليها
فنسير معانقين لياليها المخيفة بوجوه مبتسمة
فتقابلنا الأيام بوجوه مكتئبة.
فننصرف عنها مرددين: "ما أتعس الأيام والليالي!"
ومن لم تهزمه الأيام ولم تخفه الليالي، عاش بمنأى عن مظالمها.
ومن لم توقظه يد الحياة بيمينها، لن يصحو من غفلته
حتى تصفعه بيسارها.
بين شروق الشمس وغروبها تنهض الحياة بنا وتضمنا إليها
وضمائرنا المهللة قد جعلت لحياتنا قلبًا وجناحين.
ضمائرنا مهللة لأننا نصنع من الحلم حقيقة نعيشها
ونعرف كيف نعيش في أحلامنا ولكننا نعجز عن أن نحيا
واقعًا كتبه لنا الآخرون.
ضمائرنا مهللة لأننا نرفض أن تتلاعب بنا الأقدار
كما يتلاعب النسيم بأوراق الخريف اليابسة ويقذف بها إلى حيث يشاء.
ضمائرنا مهللة لأننا لم نسرق ولم نرتشِ ولم نفترِ ولم نظلم
ولم ننكث وعدًا قطعناه.
ضمائرنا مهللة لأننا نأبى أن نكون سلعة رخيصة مهللين بانتصار
أشبه ما يكون بالهزيمة منه بسقطة الأغبياء.
ضمائرنا مهللة لأننا نرفض أن نكون لُعْبَة في أيادي العابثين
يرمون بنا في لحظة ملل.
ولأننا لا نقبل أن يقتلوا فينا العناصر الجميلة
التي لا يمكنهم امتلاكها ولو دفعوا أغلى الأثمان.
فنحن نبني من أهوائنا سلمًا نرتفع به إلى ما وراء النجوم والكواكب!
بين شروق الشمس وغروبها ينهض السارقون أيضًا
لكنهم يبقون نيامًا لأنّ ضمائرهم ميتة.
نراهم كالأحياء وهم أموات منذ الولادة،
لكنهم لم يجدوا من يدفنهم،
فظلوا منطرحين فوق الثرى ورائحة النتن تنبعث منهم.
فإن كانوا عبيدًا في صحوتهم، فلا شكّ أن نومهم رقصة الحرية!
فقيود الخنوع أشدّ صلابة من قيود المعادن.
ولأن ليس لظلمهم شبع ولا لشرّهم ارتواء
ومن يغريه الشرّ يعمد إلى السرقة.
فالسارق هو أبشع الناس
فإن حسب نفسه منتصرًا في البداية،
فهو سيقاسي مرارة الهزيمة وسيعيش في مهانة وخسارة.
ومن كان ضميره صاحيًا عاش في أروع صفحات التاريخ
وكلّ سارق ولصّ ومختلس ومرتشٍ عاش في أقذرها.
فيا لعدالة السماء! كل سارق مهزوم! ﺇنّه عدو خاسر!
لكننا لا نخشى أعداءنا ولا السارقين ولا الظالمين
لأنهم مع آفاتهم فهم لا يحلقون وأمجادهم كالأوهام،
يرمون شباكهم فلا يصطادون سوى أيامًا فارغة، بالية وممزقة.
أمّا نحن فضمائرنا مهللة لأننا لسنا أتباعًا لأحد بل أسيادًا لقراراتنا ولمصيرنا.
ضمائرنا مهللة لأننا لا نرضى بالقليل ونحن نعلم بأننا نستحق الأفضل!