تتطور دول العالم وتتقدم على جميع الأصعدة من تكنولوجيا وتعليم ونمو اقتصادي وصناعة وقدرة على التصنيع والابتكار والاختراع بشكل فعلي يسمح لها بالتصدير، وتتميز هذه الدول بارتفاع مستوى المعيشة ومتوسط العمر وارتفاع الناتج القومي المحلي.
أما لبنان اليوم أو لبنان ما قبل الأزمة، فهو عالق بيد طبقة سياسية فاسدة ترفض تطوره وهي حريصة على انهياره وتدميره، فلبنان اليوم هو بلد الأزمات، بلد الغربة الروحية، بلد الطائفية والمحاصصة.
بعد موجة الأزمات على لبنان في السنوات الماضية والشلل السياسي الحاصل في البلاد، ارتفع مؤشر الفقر وشمل أكثر من 75% من الشعب اللبناني. وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن أكثر من نصف اللبنانيين يحتاجون الآن إلى مساعدات لتغطية احتياجاتهم الغذائية والأساسية الأخرى. وانهيار العملة الوطنية عرّض القدرة الشرائية لدى المواطنين إلى شلل وصل إلى مستوى قياسي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات خيالية. فمجموعة الأغذية الأساسية التي كان سعرها قبل الأزمة 200 ألف ليرة، أصبح اليوم أكثر من 6 ملايين ليرة لبنانية.
أيضاً، لم يسلم قطاع التعليم من العاصفة الاقتصادية في البلاد، وارتفاع سعر المحروقات، فاليوم لم يعد المدرّس قادراً على الوصول إلى مركز عمله لأنه لم يستلم دخله من الدولة، وإن استلمه فهو لم يقدم شيئاً لأنه بات الدخل لا يساوي شيئاً مع انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار في السوق السوداء. فمشكلة الروابط التعليمية مع وزارة التربية والتعليم العالي تزداد يوماً بعد يوم، وأيضاً بين الرابطة والمدرسين، فاليوم يخرج المعلم إلى عمله لدفع ثمن المحروقات فقط لا غير.
ومع ازدياد نسبه الفقر في البلاد، لم يعد الكثير من اللبنانيين قادراً على تسجيل أولادهم في المدارس وفي الجامعات بسبب كلفه النقل المرتفعة، ناهيك عن المستلزمات المدرسية من قرطاسية وغيرها. وحسب مكتب اليونيسيف في لبنان فإن ثلاثة من كل عشرة تلاميذ انقطعوا عن التعليم كلياً، ومنهم من انصرف إلى العمل لمساعدة رب العائلة على المصروف. وقد أشار منسق الشؤون التربوية في اتحاد لجان الأهل نعمة نعمة إلى تقرير منظمة "انقذوا الأطفال" الذي يفيد أن أكثر من 737 ألف تلميذ لم يلتحقوا بالمدارس.
أما القطاع الصحي اللبناني فهو في غيبوبة، واللبناني يموت على أبواب المستشفيات أو في المنزل. لم يسلم القطاع الصحي في لبنان من الأزمة، ووباء كورونا في ظل عجز الحكومة على معالجة الوضع. فإن أكثر من 300 صيدلية أغلقت أبوابها في لبنان، ومنها مهدد بالإقفال، فالأدوية مفقودة رغم رفع الدعم عنها. ومع ارتفاع أسعار الأدوية أصبحت حياة المواطن اللبناني في خطر تام. فكثير من العائلات لم يعد باستطاعته شراء الأدوية. ومع هجرة الأطباء تزداد الأزمة تعقداً وخطورة، فقد هاجر أكثر من 3500 طبيب لبناني إلى دول الخليج وغيرها.
أما القطاعات اللبنانية الأخرى، فلم تسلم أيضاً من الأزمة. فاليوم دُمّر لبنان بدون أي نقطة دم ولا حتى رصاصة واحدة، إلّا أنه تراجع إلى الوراء، وغرقت السفينة اللبنانية التي تقودها مجموعة من الفاسدين وسارقي مستقبل الشباب في بحر الأزمات.
علي عليان