استحقاقات كثيرة وعديدة تواجه لبنان في العام الحالي، منها ما هو سياسي ومنها ما هو دولي ومنها ما هو مالي ونقدي؛ وكلّ ذلك سينعكس بالتأكيد بطريقة أو بأخرى على الوضع الاقتصادي اللبناني العام.
انتخاب الرئيس اللبناني هو ما يتوق إليه المواطن، لا لشخص أو هويّة الرئيس بل لإعادة الحياة الدستورية بالكامل، عبر ولادة حكومة جديدة، وتسيير المؤسسات كافة، خاصة بما يتطلّبه وجه لبنان الدوليّ من حيث المؤتمرات الخاصّة بلبنان. كذلك ينتظر لبنان عقبة التعيينات في كافة المرافق الحساسة، لا سيّما المالية والنقدية منها، وعلى الأخص حاكمية مصرف لبنان. وتكمن أهمية هذه الخطوة في بلورة رؤية لبنان المالية والنقدية المستقبليّة، وحلحلة بعض العُقد الداخلية، ونظرة المجتمع الدولي إلى الخطوات التي سيتخذها لبنان في القريب العاجل لجهة سعر الصرف والاحتياطي والتمويل وغير ذلك من المتطلبات.
ويدخل ضمن العقدة المالية والنقدية اللبنانية موضوع المصارف بين الدمج وتقليل العدد الهائل للمصارف والفروع وفق آلية رأس مال متجدّدة تراعي ما يطلبه البنك الدولي.
كلّ هذه الإشكاليات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع الاقتصادي العام للبلاد، فمصبّ هذه الأزمات هو أوّلاً وأخيراً نهج الوضع الاقتصادي اللبناني الآتي؛ فلبنان اليوم يتخبّط في أسوأ الفترات الاقتصادية في تاريخه، التي تتميّز بالبطالة والتضخّم والفقر وانهيار عملته الوطنية؛ فحلحلة الوضع السياسي للبلاد، والتفاهم الإجباري مع المجتمع والبنك الدولي هو باب الخلاص من الناحية الاقتصادية. فالاحتياطيّ يتآكل، والمساعدات متوقّفة، والعملة منهارة، والغلاء المعيشيّ رفع معدّلات الهجرة والبطالة وحتى الانتحار، أي إنه بصيغة أخرى ضرب أسس المجتمع اللبناني المعيشي والاجتماعي.
ينتظر اللبناني في هذا العام خشبة الخلاص؛ فأكثر من أربع سنوات دمّرت الكيان اللبناني بشكل لم يسبق له مثيل، وآن الأوان للنهوض ونفض الغبار عبر تحمّل المسؤولية كلٌّ في مركزه، وتفضيل المصلحة الوطنية على سائر المصالح.
لبنان لنا جميعاً، فإما الغوص أكثر في وحل الأزمات، وإمّا النهوض سوياً إلى لبنان الذي حلمنا به صغاراً.