بين يأس الأمس وأمل الغد، هي أفضل ميراث لنا في العالم القديم، وستبقى أنبل ما سنتركه للعالم المقبل... كشعلة وهاّجة تبدد الأوهام.
الزنابق في الحقول جميعها مستيقظة للفجر ولها.
ناديتها في الربيع، فأتت تحمل إليّ كأساً منعشة بعطر الورود،
وناديتها في الصيف، فاقتربت مني ولامستني بيد دافئة بحرارة الشمس.
وناديتها في الخريف، فأتت مسرعة تحمل إليّ سلة بألوان من الفواكه الشهية.
وناديتها في الشتاء، فأقبلت إليّ بابتسامة طردت مني عواصف نفسي.
هي المرأة ... فما أغربها!
إذا شاء النحاتون أن يرمزوا إلى الحكمة، صوروها امرأة.
وإذا شاء الرسامون أن يرمزوا إلى الحرية، مثلوها امرأة.
وإذا أراد الرواد أن يجسّدوا الحضارة، لقبوها امرأة.
فهي كالحقيقة تجعل الإنسان عارياً أمام أعدائه.
وكالشرف إذا سُلب من صاحبه، فان حياته ستكون قد انتهت
وكالطاعون تفتك وكالدواء تشفي.
هي في نظر الفلاسفة أضحوكة، وفي نظر الشعراء آلهة
في فلسفة أرسطو اعتقاد أن المرأة "رجل لم يتم".
وبين أضحوكة الفلاسفة وآلهة الشعراء، هجاء أليم:
"إن النساء شياطين خلقنا لنا نعوذ بالله من شر الشياطين!"
وبين مدح المرأة وهجائها، قوة غيرت وجه التاريخ
كزهرة "لوتس" فائقة الجمال تنمو بين الأوحال.
فكيف لا نكرمها وهي قائدة الموكب البشري منذ أقدم العصور؟
هي التي بنت الكوخ الأول، وسهرت على النار الأولى،
تربي الأطفال وقت غياب الرجال في الصيد،
وقد اكتشفت البذور وهي تبحث عن الطعام،
وعجنت الفخار وشوته ورسمت أول الرسوم الفنية عليه،
واكتشفت ما تهبه النار من نكهة في الطعام،
وقد بحثت في الحشائش والنباتات البرية عن الدواء...
غزلت وحاكت ولا تزال حتى اليوم تسهر وتزرع
وتزخرف وتحوك وتداوي...
هي المرأة الملكة والمرشدة والربة الأم والراهبة والمرأة العاملة والفنانة المبدعة والعالمة والطبيبة والمجاهدة في حقوق الإنسانية.
كانت الملكة سميراميس التي حكمت روما والعالم محاربة شجاعة على قسط وافر من الذكاء وسعة الحيلة.
أما زنوبيا امبراطورة تدمر فكانت تلك المرأة الفذة التي كادت
بسياستها وحنكتها أن تصبح ملكة العالم.
والنساء العبقريات أمثال مدام كوري التي اكتشفت عنصر الراديوم،
وهيلين كيلر العمياء الصماء البكماء التي حصلت على ثلاث
درجات دكتوراه رغم كارثتها المثلثة.
وشقيقة مكسونتي التي أضربت عن الطعام في سجنها لتموت
في سبيل استقلال إيرلندا. ومحاربة العبودية هاريت توبمان،
والمناضلة روزا باركس التي دافعت عن حقوقها فغيرت العالم.
هي المرأة قائدة الموكب البشري الذي يمضي نحو مستقبله.
المرأة وإن لم تكن عظيمة في ذاتها فهي المرأة في حياة العظماء،
فكانت تبث فيهم قوة الحب وقوة الإبداع، كما كانت فيكتوريا كولونا التي أوحت الى ميشال أنجلو رسوماته الخالدة.
فكوني كهؤلاء النساء العظيمات ولا تكوني كهيروديا.