النهار

العراق وأزماته
المصدر: النهار - مشتاق الجليحاوي - العراق
العراق وأزماته
موقع العراق الجغرافي ووضعه الاقتصادي جعلا منه بؤرة للاستهداف الاستعماري والارتكاز الديني
A+   A-
موقع العراق الجغرافي ووضعه الاقتصادي جعلا منه بؤرة للاستهداف الاستعماري والارتكاز الديني، ما صنع منه حضارة كبيرة ومركزاً للتديّن. وهذه بدورها عوامل أضفت عليه جلباباً من الأهمية والاعتبار. فبإرثه الحضاري وعمقه التاريخي أصبح العراق يشار إليه بالبُنان وقبلة كل عين.
تأرجح العراق بين الأزمات ولفترات طويلة، فما خرج من أزمة إلا وولج في غيرها، الأمر الذي حاول إعاقة حركة التقدم فيه، فنجح في كثير من الحالات والذي أثر على واقع البلد السكاني والاقتصادي حيث أصبح الشعب وقودَ حروبٍ لها بداية ولا نهاية لها، حروب أهلكت الحرث والنسل، قتلت جيوشاً من طاقات البلد وشبابه وخلفت جيوشاً من الأرامل والثكالى والأيتام. ففي كل حرب يرجع البلد قروناً إلى ما سبق ليبدأ من الصفر في بناء نفسه ويستعيد قواه ويقف على قدميه، فلا يلبث أن يواجه رياح الحروب الجديدة.
موارد البلد البشرية هائلة رغم الحروب والأوبئة، فإن للبلد نسبة نمو سكانية ينافس بها بلداناً نامية كثيرة وله موارد اقتصادية قل نظيرها ومن مختلف الأنواع من زراعة ومعادن وثروات حيوانية وبترول وغيرها.
برع أعداء البلد بصناعة الأزمات المختلفة على مر العصور، وتطور بابتداع أزمات وفتن حديثة ذات أثر قوي، فتارة يلعب على وتر الطائفة والدين والانتماء والمناطقية، وهذه خلقت حالات من الفوضى التي رافقها إزهاق الأرواح وانتهاك للحرمات ولكثير من المبادئ والعادات، وتارة يؤرجح البلد بإدخال أفكار ومفاهيم تتعارض مع الإنسانية وواقع البلد وقوانينه وكل ما من شأنه إنهاك البلد، فأدخلوا الرشوة والربا والمقامرة وغيرها من أفعال تميت الإنسانية وتقتل الروح الوطنية لدى الناس والتي هزل منها البلد وأدخلته أنفاقاً مظلمة من الجهل والأمية والتي ولدت أجيالاً تفتقر إلى الإرادة، ومكنت الفاسدين من التسلط على رقاب الناس والتحكم بمقدرات البلد وجعلت منه نهباً. فقد مكنت كل من هب ودب أن يسن قوانين تشرعن له السرقة والاحتيال تحت مسميات شتى.
في كثير من الأحيان تُصنع أزمات وهمية أو إعلامية فيرافقها لغط إعلامي وصدى شعبي كبيرين، وبذلك يتم إلهاء الناس وإشغالهم عن أمور وقضايا أكبر تُحاك خلف الكواليس.
في العراق تصنع الأزمات المختلفة من أجل الحصول على مكاسب مادية وسياسية وحتى اجتماعية، فمؤخراً تفاقمت أزمات العراق السياسية والاجتماعية والمالية بسبب ما يُشاع عنها أنها كورونا وانخفاض أسعار النفط، وما تأخير رواتب الموظفين إلا إحدى الأزمات المفتعلة من أجل إنعاش الوارد المصرفي لمصارف تابعة لقيادات حكومية من الخط الأول على حساب البلد ومواطنيه.



الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium