كلّ إنسان خلقه الله في هذه الرض له قيمة ذاتيّة، ولكن المهم أن يُدركها كلّ فرد ويعرف فحواها. لكلّ شخص ميزة خاصة، ولكن للجميع هدف أساس يتصدّر كلّ الأهداف الأرضية ليحافظ على روحه وبقائها تحت أجنحة الخالق. المهم أن لا نحارب بعضنا بعضاً لأجل إثبات القوة والوجود، فننسى أننا على متن قطار اسمه العمر، وأن الرحلة ستنتهي عاجلاً أم آجلاً؛ عندها سنقف أمام السماء وسندلي بما صنعناه وما زرعناه من خير لأجل لله. ولا يعني هذا الكلام أن نبقى طوال أيام حياتنا نحيا بالصلاة والتقوى فقط بل أن نبرع في هذه الدنيا بما وهبه الله فينا، ونحارب كلّ ظروف تُحاول خنق تلك العطاءات في أعماقنا وفكرنا. مهما اشتدّت الصعاب، ومهما واجهنا التنمّر من أشخاص حاولوا كسر العنفوان فينا، وخنق كلّ أمل نحمله في أفئدتنا، ومهما كانت الظروق قاسية في هذا المجتمع، وأقامت حواجز تعيق تحقيق أحلامنا علينا أن نتذكّر دوماً القوة التي زرعها الخالق فينا وماهية قيمتنا في هذا العالم، وأنّنا جميعاً سواسية أمام الله، فلا ننحني أمام عواصف القدر، ولا أمام إهانات البشر، فنغدوا من المبدعين في وطننا، ورسل الحياة والفرح في عالمنا، ونكون نوراً لسراج الخير والمحبّة والقيم، فنتميّز كلّ منّا حسب اختصاصه، فيكون المزارع مثلاً بارعاً في منتجاته، وماسح الأحذية رائعاً في عمله مع ابتسامته الطيّبة، والطبيب باهراً ومبدعاً في إنجازاته وشفاء مرضاه، والمهندس ناجحاً بديعاً في تصميم أجمل الأبنية وأكثرها سحراً وإشراقاً، والشاعر والموسيقي والرسام رائعين في رسم جمال الحياة بقصائدهم وألحانهم وألوانهم، فيصوبون القلوب نحو دروب الخير والسماء.
إن قيمة كلّ إنسان في هذه الأرض عظيمة جليلة؛ المهم أن لا ننكسر لليأس والحزن والماديّات فنستسلم لما يسمّونه "الأمر الواقع"، ونرضخ للجمود، وتنفد الأيام من عمرنا رخيصة ودون تحقيق ذواتنا وما تنبض به أرواحنا من أحلام وأهداف ولدت معنا.
أهمّية هذا العالم هي في قيمة وجود كلّ فرد منّا في كلّ نفيس من فكر حرّ، وقلب معطاء صادق، يليه كلّ ما جعله الله لأجلنا من بحار وجبال ومخلوقات. فليدرك كلّ منّا حظوته لدى ربّ السّماء ومكانته في هذه الدنيا!