النهار

ارحموا الطفولة
يا له من عصر قاتل للطفولة! نحن نقتل أطفالنا ونجهضهم ألف مرة وإن وُلدوا!
A+   A-
يا له من عصر قاتل للطفولة! نحن نقتل أطفالنا ونجهضهم ألف مرة وإن وُلدوا!
يولد الطفل صفحة بيضاء نقية، كائناً خلوقاً يريد ومنذ أن يبصر النور البحث عن كل شيء وفي كل شيء، يريد اكتشاف كل ما يحيط به من الألف إلى الياء دون توقف، إنه فقط يبحث عن عيش طفولته، أن يكون طفلًا قدر المُستطاع من كل قلبه وطاقته قبل أن يخطف العالم منه براءته للأبد ويرمي على كاهله من المسؤوليات ما هب ودب.
منذ زمن ليس ببعيد، توقف أطفالنا عن ممارسة طفولتهم، توقفت طموحاتهم، زادت معرفتهم عن حدها وقبل أوانها، أصبحوا تحت الأضواء وعلى شاشات التلفاز وفي برامج معينة في حين كان من المفترض تواجدهم في ساحات اللعب، يركضون ويلعبون الى أن يتصبب العرق منهم، يقفزون في برك الماء دون أحذيةٍ، يشاهدون برامج الأطفال، يرسمون على الجدار، يحدثون خرابًا لإخراج الأصوات من أغراض المطبخ، يلعبون بالصابون الخ... يكتشفون الحياة ليعيشوها مرحلة بمرحلة لكنهم اليوم يعيشونها دون استكشافها، يدفنون فكرهم الخلوق ركضًا وراء الشهرة والمال، يلبسون ما لا صلة له بالطفولة البريئة لكي يفرح بصورهم من هم "أهلهم"، إنه الجهل بعينه فلتبصروه جيدًا، لقد أصبح كل شيء مُتاحاً وإن لم ينفع.
أين الطفولة من كل ذلك؟ لماذا يتم قتلها بهذه الأساليب المقنّعة دون حس ولا خبر؟ لقد برعت وسائل التواصل الاجتماعي بالوصول حتى إلى أطفالنا قبل أن يولدوا، كيف لطفل أن ينمو دون طفولته؟ ماذا سيخبر عنها؟ ومن ليس له ماضٍ كيف يكون مستقبله؟
المرحلة الحساسة جدًا، المرحلة التي لا تُعوَض أبدًا، مرحلة الطفولة!
لندع أطفالنا يمارسون طفولتهم لآخر نقطة، لندعهم يشبعون منها لأنها لن تعود، ولأنها مرتبطة بكل مستقبلهم وحياتهم الآتية فلماذا نستعجلهم ليكبروا؟
فلنشجعهم على كونهم أطفالًا، لنشجعهم على عيش طفولتهم لكي يصبحوا كبارًا مبدعين ومؤهلين لخوض معترك الحياة بكل تقلباتها وقسوتها، فما من عزاءِ للإنسان غيرَ جانبه الطفولي الذي من زاويته ينظر إلى الحياة بفرحٍ، بنظرة طفلٍ إلى لعبته، مهونًا على نفسه الطريق للاستمرار ...


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium