لن يعبرَ الموت
شيرين
يا طفلةَ الأزقّةِ القديمةِ الموشومةِ على خاصرةِ التّاريخِ.
يا برتقالَ حيفا وعنبَ الخليل وزيتونَ جنين.
هنا قربَ القبّةِ الذهبيةِ كان الرّصاصُ وصراخُ طفلٍ يمتشقُ صهوةَ الدّمِ ويهتفُ،
وكنتِ وحدكِ؟
والجند والبنادق ورائحة البارودِ
تعبرينَ الطّريقَ إلى مساحاتِ الجرحِ
تصرخينَ (نيرون ماتَ ولم تمتْ روما)
شيرين
هذا الصّباحُ مختلفٌ قليلاً
الغبارُ... الثيابُ... هواءُ جنين...
إطباقُ السّماءِ على شفاهِ الريحِ،
صوتُ الشوارعِ الفارغةِ،
ارتعاشاتُ الأرضِ الثّكلى.
بنادقُ الجندِ المرتجفةِ من صوتكِ تتوارى
تختبئ
كانَ ظهركِ للحائطِ وعيناكِ تغازلانِ شجرةَ الزّيتونِ
وكنتِ أوّلَ رصاصاتِهم
وآخرَ الكلماتِ في الدّماء ِ
كانتْ جنين تفتحُ ذراعيْها لكِ،
تقبّلُ خيطاً من دمكِ المُشتعلِ
لتكسرَ برودةَ صباحاتِنا،
وأنتِ وحدكِ؟
تكتبينَ وصيتكَ الأخيرةَ مع وصايا الشّهداءِ،
شيرين
يا مئذنةَ الأقصى وأجراسَ القيامةِ،
يا شتلةَ الزعترِ في مروجِ البلادِ،
يا ضمّةَ الزيزفونِ في صباحاتِ العيدِ فوقَ أضرحةِ الشّهداءِ،
يا شوارعَ القدسِ العتيقةِ وصوتَ فيروز،
يا أسماءَ المدنِ الغافيةِ فوقَ أحبالِ صوتكِ،
لن يعبرَ الموتُ من رأسَكِ
فأنتِ أيقونةُ شعبٍ يحبُّ الحياةَ .