النهار

نحن لسنا بخير
نحن لسنا بخيرٍ، وإن بدونا كذلك
A+   A-
بخير؟
نحن لسنا بخيرٍ، وإن بدونا كذلك. لا تصدّقوا ما ترون، فالمظاهر قد تكون أحياناً خداعة. إنّ الظاهرة النفسية التي يمرُّ بها الشعبَ اللبناني يجب أن تحلل وتدرس بعمق في علم النفس.
تلك الظاهرة النفسية جعلت اللبناني قادراً على التعايش مع وضع اقتصادي وصحي وتربوي ونفسي مزرٍ، فرضه عليه حكام لم يَشهَد التاريخ مثلهم في الجهل والسوء وقلَّة الضمير.
اعلموا أنَّ ذلك كلّه ليس دليلاً على أنّ الشعب اللبناني قويّ وقادر على التأقلم مع كلّ ما يجري من حوله يومياً من ضغوطٍ نفسيّة، وأنّ فكرة اعتياده على العيش في هذه الوتيرة هي دليل على أنه مصاب "باكتئاب جماعي". يرتبط الاكتئاب الجماعي بصدمة جماعيّة أو بظروف عامة حصلت على مستوى الوطن أو العالم. ويمكن التعرُّف على عوارضه حين تفقد تلك الجماعات أيّ أمل في الانفراج في وقتٍ قريب، وتزيد عندها حالات الانتحار واللجوء إلى المهدّئات والممنوعات، يُضاف إليها حالات من الرضوخ والسلبيّة في التعاطي مع واقع مرفوض.
لا تصدّقوا لبنان الحياة والسهر، ولبنان الذي يظهر في شبكات التواصل الاجتماعي.
لبنان كئيب، وشعبه مكتئب، وهذا دليل لا يُبشِرُ بخير على شعب عُرِف بالكفاح والنضال والشغف في الوصول والتقدم.
هذا دليل على أنّ "طائر الفنيق" استسلم وتنحّى أمام النسور الجائعة؛ هذا يعني أنّه ترك السّاحة لمسؤولين هم بالواقع غير مسؤولين.
نعم، لسنا بخير، وأطفال لبنان ليسوا بخير، فهم أمل المستقبل، والقاعدة التي يبنى عليها مجتمع سليم، ليسوا بخير.
إن اليونيسف في آخر تقريرٍ لها أظهرت أنّ٨٤ % من الأسر لا تملك ما يكفي من المال لتغطية ضرورات الحياة، وأن 38 % من العائلات خفّضت نسبة نفقات التعليم مقارنة بـ26 % في نيسان ٢٠٢١، وأن 23 % من الأطفال ذهبوا إلى فراشهم خلال شهر آذار ونيسان وهم جائعون...
نعم يا سادة، إن دامت حالة الاكتئاب هذه، فسوف نفقد بالكامل مؤسّساتنا الطبية والتربوية والقضائية؛ وكلّ ما طالت بنا المدة أدّى ذلك إلى زوال ما ترتكز عليه الدولة من أسس ومؤسّسات، وموارد بشرية مميّزة؛ وأصبحت طرق العلاج أصعب وربما مستحيلة.
قد نصحو يوماً، وقد يكون متأخّراً، فنجد أنفسنا غرباء في بقعة أرض تشبه كلّ شيءٍ ما عدا الوطن.



الكلمات الدالة
إعلان

الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/22/2024 3:23:00 AM
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.

اقرأ في النهار Premium