النهار

يا الهي
هل يعصف بك اليأس والألم معاً، ويكون التعب مكبلاً جسدك وروحك معاً؟
A+   A-
هل يعصف بك اليأس والألم معاً، ويكون التعب مكبلاً جسدك وروحك معاً؟
عندها سترى الأرض تدور بك، وأنت واقف مكانك مصبراً متجمداً كصنم حزين لا يحرّك ساكناً، ولا يهتزّ فيه أي جزء من جسمه سوى دموع غزيرة وأنفاس متقطعة. الأعظم والأكبر وجعاً حينما ترى أنك تحاول أن تضحي، وأن تعطي كلّ ما لديك من أعماق قلبك، ولكنّ الجميع يتحول حينها إلى أشخاص جامدين لا يشعرون بلهفة حبّك لهم، ولا يرون نظرات عينيك إليهم، ولا يسمعون تنهيدات الآه من روحك... في تلك اللحظة تدور أنت، وتدور حتى تنهار، وترجَّ الأرض من تحتك، ولا يتأثر بك أحد، بل لا يلمحون ظلّ شجاك ولوعتك.
تنظر إلى السماء وتصرخ إلى الرب:
"يا إلهي، يا سيدي! هل أنا على صواب في تصرّفاتي، في حناني، في خوفي على الآخر، في التفوّه بحبّ لوصاياك وكلماتك؟
يا خالقي العظيم! هل أنا غريب عن هذا العالم؟
هل وُجدت عن طريق الخطأ في هذه الحياة أم أنني على حق، والمجتمع غمرته العثرات والآثام حتى كاد نورك يندثر فيه؟
يا سيدي! لا أدّعي أنني الملاك البريء، ولا أزعم أنني الحكيم الصائب الصادق، ولكن أنا يا الله أحدّثك عمّا يختلج، بل يشتعل في صدري بركاناً، يقذف حمماً من العذاب ولا يتوقف، ولا أستطيع أن أحيا بغير ذلك الحنوّ والإدراك والعاطفة؛ فهذا هو كياني، وهذا ما جبلتني به، وجعلتني أحيا به في هذه الدنيا.
أرجوك يا ربي أن تبعث إليّ نسائم السلام لتبرد الجمر الحارق في حنايا النفس، ولتزرع الثقة والقوّة والثبات في أعماقي، واليقين بأنني على الدرب الصحيح، أو انتشلني من عالم ليس بموطني، وخذني إلى حيث أنا أنتمي، علّني أحظى ببعض من الراحة والبهجة والسلام، فألتقي ولو لبرهة ملائكة تاقت لهم روحي...
يا سيدي!
أُدرك وأعلم أن أفئدة الجميع طيّبة حنونة، ولكن ما يحيون به أساليب ممزوجة بالغيرة والشكّ والحقد وحبّ التملك والتنمّر، وتؤدي إلى احتجاب البصيرة عن القلوب، وإلى خنق الروح الجميلة التي خلقتها فيهم، وإلى إعدام الإنسان الطيب الذي رسمته يداك، وأحييته يوم ولادتهم.


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium