(1)
أيتها الماجدة
هذا نهرك
ألقي عليه السلام
أيها الماجد
هذا نهرك
أطلق عليه الحمام
لا تسقط تموز من يدك
لا تشرع في النحيب
لا وقت للرثاء البليد
فتت قهرك
وحيداً تمزق سلاسل ضيمك
وتجلي الماس والذهب
فمن يسافر للشمس والنجوم غيرك
فمد بهجة النصر لنا
يا بؤبؤ العين المسافر إلى دمي
لِمَ ترجّلت عن صهوة النصر؟
واستضفت الهزائم
لماذا يا نهر الكبرياء؟
لماذا تركتنا نهوي؟
ونحن بك نُمْكر الهزائم
(2)
لنا نبضك
لنا نخيلك
لنا طهرك
لنا عطاء الفرات
لنا جزالة وجموح المتنبئ
لنا حبك الذي لا يزول
إنّا مسكونون بك
قلوبنا لا تنبض إلا بك
جبّارٌ أنت، ستطوي مساءك
بين المجد والانكسار مجدك
وإن تهنا بحثاً عن المجد
في قمة المجد نجدك
فهذا مسارك
(3)
يا معبد الأحرار في شرقنا العتيد
قلوبنا إليك تسافر
شذى عطر وسنابل
تل القصائد تحبو فوق الذاكرة
فمن يجمع قصائدك
كل القصائد غادرت دون وداع
كل الأحبة سافروا دون وداع
تركوا قلوبهم تحت نخلة وساروا
شتاتاً في بقاع الأرض ساروا
خذ بأيديهم يا فرات
إلى ربوعك الخضراء
برائحة البصرة
لملم قلوباً تشتت بين العواصم
بطاقة التشرد ليست لهم بعاصم
بغداد ليست بطارد
بغداد ليست بعاقر
بغداد نبض العواصم
على جبيني إليها أسعى
لأغني لعصافير دجلة
فهي لي مأوى ومرعى
فلِمَ تُرِكتْ فريسة لذئاب الطوائف؟
وأنت من يختزل البروق في هزيم ثورة
(4)
بغداد يا روضة القلب
كيف يتنزه الموت فيك؟
وأنت الحياة، وسيدة الأحلام
أنت ليست قرية على حافات الجبال
ولا على مشارف الغابات والأدغال
أنت ليست قرية على حافة التاريخ
أنت فسيفساء القوميات والأديان
أنت الحضارة وروعة الإنسان
أنت عشق السيّاب وفصاحة نازك
عنفوان الجواهري ومهد الأنبياء
أنت الوجه الآخر لتونس وبيروت وعمان
كنت الأجمل، وتبقين أجمل
عيون بناتك تترقب نصرك
أذان تسمع سرد بطولاتك
من سرق نظرة الفتاة الخجولة؟
وغازل عقارب الإرهاب
كيف خلت المدينة من حكمتها؟
وتركت القتل يجوب الشوارع
فمن يجرؤ على خطف بهائك؟
وأنت السلام والأحباب
سكون الليل وضحكات الشباب
لن نفقدك في وادي السراب
وأبوابك مشرعة للجار والأغراب
وإن دب الصمت في المدينة وأغلقت الأبواب
محال تغلق في وجه الأبطال؟
خيام قلوب شبابك على الأسوار
تركل عشاق الضيم وتصنع الأحرار
(5)
من مغارات الجهل تأتي
عقول شاخصة للغدر
صعاليك يتسربون لجلدك
هذا يحمل دينٌ خلقهُ لنفسه
وهذا يشرع للإجرام
الكل مغرم بإرضاء العم سام
لِمَ لا يبزغ الفجر إلا لأشباه الرجال
أيقف النور عاجزاً على كتف نهرك؟!
في كبح ليل أحزانك
(6)
تاج العز لا يموت
الشمس تلتهم ليله
غداً يشرق فجره
درب النهار دربه
وفي السماء ينقش مجده
مشاتل الورد على صدره
عصيٌ على الحزن الطويل
لا يعرف الليل الثقيل
لا يعرف الليل الطويل
وطن لا يموت، وإن روعته المقاصل
فحزنه عابر
وبؤسه قصير
وليله قصير...
ليل العراق قصير...
ليل العراق قصير...
فليس للعراق نظير