النهار

أخطبوط الخوف
كيف تملّكتني أيّها الخوف، وأشركت كلّ خيوطك حول روحي
A+   A-
كيف تملّكتني أيّها الخوف، وأشركت كلّ خيوطك حول روحي، فجعلتني فريسة بين مجسّاتك تطوّق فكري وقلبي في كلّ أمر أودّ القيام به، فتنفث حبرك المظلم في مساحات أحلامي، وتجعل بصيرتي تغرق في ديجور بحارك، فتخدر مشاعري، وتلفَّ غشاء المجهول حول عينيّ، فأغدو ضائعاً في مروج عمري. أمضي أيامي دون أن أدرك مصيري، وفي نفسي يأس يشلّ الإرادة والرغبة بمواجهة الحياة، كما أنّ جسدي يضحي منهكاً متعباً لا يبتغي الأماني، ولا يشتهي جمال الدنيا، ويعجز عن القيام بأيّ عمل.
كم أنت متسلّط متوحّش أيّها الخوف الأخطبوطيّ! متشعّب في دمارك لروحي، تسلب من مهجتي نور الإبداع، وتمتصّ من عقلي كلّ فكرة وسريرة تجعلني أدرك أهمّية وجودي في هذا العالم وقيمة الإنسان في أعماقي.
بالرغم من جبروتك واستفحالك وبطشك فإنّ وميض الشفق الذي سكبه الله فيَ يوم ولادتي في هذه الأرض لا تُطفئه، ولا تُخمده ظلمة العالم أجمع، بل يستقي شعاعه من شمس الإيمان، التي - وإن غابت لفترات من الزمن عن حنايا روحي - تعود لتنفجّر نوراً ساطعاً يفتّت أذرعك الطويلة؛ ثم يوفد ملاك الروح نسيمه فيلفح وجهي، ويتغلغل في صدري، فتعود أنفاس الحياة إليّ، وتجري طاقة البقاء والإبداع في أوردة فكري، ويخفق فؤادي بنبضات الأمل والتجدّد، ويُعبّر عنه مداد قلمي بأحرف من روحي، تحكي للأجيال ملاحم الصمود وقصائد الحب والصبر والإنسانية التي لا تموت...


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium