"أهلا وسهلا باللّي جايي"، هو شعار سلام دقاق في "بيت مريم" الذي كان حلماً وتأخّر كي يتحقّق، "لأنّني كنت زوجة وأمّاً لـ3 أولاد وعاملة. والمطعم يحتاج إلى 24 ساعة عمل، خاصة في بدايته". ولكن ماذا وراء تسمية "بيت مريم"؟ إنّه اسم والدتها مريم، التي لها الفضل في حبّ سلام للطبخ: "كنت أشتمّ الرائحة وأذهب إلى عالم ثانٍ"، و"سبحان الله لمّا تكبري بتحنّي لأمك وبدك شي يرجّعك إلها مرة ثانية"؛ ومن جهة ثانية أرادت سلام أن يكون المطعم بيتاً لكلّ زائر، والمغترب بالتحديد، ليشعر وكأنّه يدخل بيته ويتناول أطباقاً "بيتوتيّة".
الطبخ نَفَس
سلام تطبخ بصفة "أم" لا "شيف"، و"أنا بطبخ ومعي فريق بيساعدني"، ولكنها تشرف على كلّ شيء وتضع نَفَسها دائماً في الطعام. وهي من مناصري أنّ "الطبخ نَفَس"، مهما تنوّعت التقنيات والمعايير والوصفات. وهذا أوّل مكوّن في "خلطة" نجاح مطعمها، ثمّ تأتي المكوّنات الأخرى: حب العمل؛ إعطاؤه الأولوية والاهتمام؛ مواكبة كلّ تطوّر؛ المثابرة؛ الاستقبال الحسن، وحسن الضيافة، "فالزائر أعتبره صاحب المحل، وأتمنى أن يشعر كلّ زائر بإنو داخل ع بيتو وصاحب بيت" ؛ أن يكون طاقم العمل حريصاً على إنجاح المشروع، "ونحن كلنا قلب واحد". والنجاح لا يكتمل مع سلام إلّا بالعمل الإنساني، فهي تقوم بالعديد من المبادرات، فهي تعتبر بأنّ ثمة علاجات تقدّم أحياناً من خلال الطعام والعجين.
نجحت سلام في تحقيق طموحها، وتقول: "ربّي وفّقني بالدرجة الأولى ومن ثمّ رضا الوالدين". وتوّج هذا النجاح بحصولها على جائزة أفضل طاهية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى جائزة Bib Gourmand من دليل Michelin العالميّ. "عندما حصلتُ على الجائزة، توقعتُ أنّ هناك خطأ، وكانت مفاجأة رائعة". وتنضمّ بذلك إلى قافلة الطُهاة المتميّزات في العالم العربي والعالم. أمّا عن أهميّة الجائزة، تقول: "هي تضيف الكثير إلى صاحب المطعم؛ تزيد شهرة المطعم دولياً وعالمياً ؛ يصبح المطعم مقصداً للزوّار الذين يأتون من الخارج؛ كما ترفع من شأن صاحب المطعم والموظفين، "لأنّ ما من عمل ينجح إذا اعتُمد فيه على شخص واحد".
أطباق سلام "بيتوتيّة"
ولا يخلو النجاح من الصعوبات. وكان القلق من أن تنجح في مطعمها، هو التحدّي الأكبر الذي رافق سلام قبل الافتتاح. وبعد ذلك، كان التحدّي العمل على تقديم أطباق بيتية، ثمّ الصعوبة في بتأمين بعض المكوّنات غير المتوفّرة في دبي. وكان لغربتها دور في أن تحرص على تقديم كلّ أنواع الأكل وأصنافه تماماً "كما عند دخولك إلى مطبخ أمك". فبعد أن عاشت غربة لسنوات في أكثر من دولة قبل أن تستقرّ في دبي، وجدت بأنّ الغربة تمنح الشخص آفاقاً أكبر لاكتشاف قصص جديدة والتعرّف على ثقافات أخرى، ومذاقات متنوّعة. وساهمت الغربة في صقل شخصيتها من جهة ومن جهة أخرى "اقتنعتُ بإنو مطبخنا غنيّ وعميق وثقافتنا فخمة، ولازم نعرّف الناس على مطبخنا". ووجدت في دبي المكان "اللي بقدر اشتغل فيه على حالي (...) هنا، يعطوننا ثقة بأنه يمكن أن نعمل ونُبدع". وتتمنى بأن تكون للمطعم فروع في كل دول العالم. أمّا المطبخ الأقرب اليها، فهو المطبخ العربي الشرقي، بالتحديد بلاد الشام؛ ثمّ الخليجي والهندي.
سلام دقاق هي متابعة لكلّ جديد، لذلك أوجدت لنفسها مكاناً على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشارك أطباقها وأعمالها. وترى "من الجميل رؤية كمية من الناس يشاركون أطباقهم على المنصات (...) ومش غلط نتعلّم من بعض"، وهي تفيد غيرها وتستفيد من الآخرين.
"بيت مريم" نجح بأن يكون بيتاً لكلّ زائر، ولكلّ مغترب يرغب بتذوّق مأكولات بلده. 365 يوماً كانت تقضيها سلام دقاق في مطعمها، من أجل تحقيق حلمها بنجاح. وأثبتت بالفعل بأنّ الطموح يحتاج إلى عزيمة، وممكن تحقيقه في أيّ وقت وفي أيّ مكان.