ما ذنبك أيها الليل لتحمل كلّ أسرار الناس، وتلفّ في رداء سكونك صراخهم وضوضاءهم؟
ما الخطيئة التي ارتكبتها أيها الدّجى الجميل كي تنال هذا العقاب الشّاق العسير، فتصبح منبوذاً من معظم البشر، إلا من عاشقين للحياة وبهائها والأقرب إلى الروح، وفي الروح يرون حسنك وروعتك؟
ينعتون لون أديمك بالظلمة القبيحة الشنيعة، وهي من تستر عيوبهم وتخفي أفعالهم القذرة المشينة التي تنتج عنها اغتيالاً للبشرية: جسدياً وروحياً وسماوياً؛ وأنت تراقبهم بألم ووجع كبيرين من دون أن تتمكّن من التفوّه بحرف أو أن تقوم بأيّ حركة؟ فأنت مدرك أن الشرع بتلك الأمور سيكون بداية نهاية الكون أجمع!
لقد وهب الخالق العظيم لمرهفي الإحساس وللأرواح الطيبة من أنبياء وقديسين ومتنسّكين، من شعراء وأدباء، من نحّاتين ورسّامين وملحّنين، أنغام الحياة.
وأعطى لأصحاب الأفئدة البريئة المؤمنة بجمال الله عزّ وجل ومخلوقاته البصيرة ليروا رونقك وغضاضتك أيّها الدجى المسكين! فيتأملون بشغف ضياء نجومك، ونور قمرك وبهاءه، حينما ينسج شعاعه على البحار والجبال، فيبلغون أهمية وروعة وجودك، ويدركون ما أنت عليه وماهية كيان هذا الكون الكبير الصغير في أعماق أرواحنا، وسرّ حضورنا في هذا الكوكب الحبيب.