"بانسيون أبو وحيد" للكاتب جوزيف مخلوف:
كلّني أخطاء لكنني لستُ منافقًا.
المرأة ليست في حاجتي لتتمرّد على مَن يَستبيحها.
* نترك خلفنا ماضياً صنع منّا قلوباً جرحها الكثير من الألم، نترك العتبة ونظنّ بأننا غادرناها إلى ضفة، نظنّ أنّنا تجاوزناها تلك "العتبة" لكننا نكتشف بأننا ما زلنا هناك... ماذا صنعت بك تلك التجارب؟ أما زلت تحملها في قلبك؟
- صحيح أنّ الماضي يرافقنا في الحاضر والمستقبل، لكن ينبغي التعامل معه لا بصفته شيئاً ثابتاً ومحنّطاً، بل بصفته معطًى نأخذ منه فقط ما يساعدنا على التقدّم. ثمّة عناصر من الماضي إذا ما تمسّكنا بها نصبح وكأنّنا نتمسّك بقيود وسلاسل... لي في كلّ مكان أذهب إليه شيء مني. وأنا نسيج مؤلّف من هذه الأمكنة كلّها، ومن بعض الأشخاص الذين نحملهم في قلوبنا كما الشّجرة تحمل ثمارها. أمّا مكان الطفولة، والطفولة نفسها، فلهما من دون شكّ وقع آخر. ألم يقلْ بودلير إنّ المبدع هو الذي يسعى إلى أن يعيش طفولته مرّة ثانية. الطفولة، هنا، تعني الأسئلة والدّهشة. العيش في داخل الأجوبة الجاهزة والمتكاملة مرادفٌ للنهاية. إنّه الموت قبل الموت. الموت في داخل الحياة نفسها.
* تطرّقت خلال السَرد إلى قضيّة تعنيف المرأة، لماذا التركيز على هذا الموضوع بالتّحديد؟
- أبداً، لم أركّز على هذه القضيّة، ولم أتقصّد ذلك مطلقًا، بل أتى السرد ضمن سياق تصاعديّ، إذ إن مَن تُسمىّ بطلة الحكاية، ريتا، كانت امرأة معنّفة ومُستباحة، أي ميتة وتتحرّك. السّرد تطرّق إلى الكثير من المواضيع المهمّة واليوميّة. ربّما لأنّ قضيّة التعنيف لم تأخذ مكانها من الاهتمام والتوعية وتشريع القوانين التي تحمي المرأة في العالم العربي المحكوم دينيًّا، فأتت كأنها متنفّس للكثيرين، خصوصًا العنصر النسائيّ.
* لكنك شرّحت هذه القضية بطريقة عميقة وجريئة وشفّافة...
- أوّلًا، لأن تجربتي الخاصّة مع امرأة معنّفة، فرضت نفسها في طريقة السّرد. في الأغلب، يكون عرض تجاربنا أكثر صدقًا وعمقًا من سرد أحداث الآخرين. ربّما لأن الوجع يحرق في مكانه فقط أما في الأمكنة الأخرى فيعبر هادئًا... أو ربّما لا. بكلّ الحالات، أنا اليوم أعيش عشقًا مميّزًا مع ريتا خاصّتي، ولا أرغب في العودة إلى الماضي.
* كلمة أخيرة؟
لا آخر للكلام ولا أوّل. فجأة يأتي ويمضي معها كشعاع.