النهار

يُسرا الرُّوحُ الجميلةُ والمُثقَّفةُ التي ألهمَتْ جمهورَ جدَّة
المصدر: النهار - فاطمة آل عمرو - السعودية
يُسرا الرُّوحُ الجميلةُ والمُثقَّفةُ
التي ألهمَتْ جمهورَ جدَّة
كثيرةٌ هي المواقف في حياتي الصحفية، سواء من العامة أو الشخصيات البارزة التي التقيها مصادفة
A+   A-
كثيرةٌ هي المواقف في حياتي الصحفية، سواء من العامة أو الشخصيات البارزة التي التقيها مصادفة، وعندما ألتمس موقفًا في مناسبة معينة، أجدني أمسك القلم وأكتب مشاهدي، أو أتركها في ذاكرتي حتى أسجلَها لتكون ذكرى جميلة وغالباً ما أحب أن أشارك التفاصيل أو المشاهد الحياتية مع القراء؛ ليعيشوا معي تجربتي الفريدة وما حدث معي أشبه (بكليكات) أو مشاهد سينمائية مواكبة للحدث الذي عشته أثناء تواجدي في معرض جدة الدولي للكتاب؛ وحضوري الندوة الحوارية التي أدارتها زميلتي المتألقة؛ سارة الدندراوي، مع ضيفتيها الفنانة القديرة يسرا! والفنانة شيماء السيف!
كان حماسي لدخول تلك الندوة الحوارية في محلِّه، حيث خرجت بمعلومات ثقافية، وفنية، وبقدر ما هي قيمة كانت ممتعة، وكان تواصل الفنانتين مع الجمهور وتفاعلهما قد أعطى الحوار قيمة! لا مكان للتكلف أوالتصنُّع فيها؛ والذي غالبًا ما نراه في بعض الحوارات المباشرة، وهذا غير مستغرب إطلاقًا من فنانة لها حضور كبير وخلفية ثقافية وفنية رفيعة على مدى سنوات طويلة.
كنت مستمتعة جدًا في هذا اليوم الحافل بالكثير من المغامرات؛ أو (الآكشنات) الصحفية، مشاهد سينمائية رأيتها في هذا اليوم، الذي لم يخلُ من أصوات الرعد القوية والأمطار الغزيرة! لكنَّ الذي زاد اليوم جمالًا هو الأحاديث الشيِّقة التي تطرَّقت إليها الفنانة يسرا! وخفة دم الفنانة شيماء! ولأن الحدث هو الكتاب، كان سؤال المذيعة (سارة) واضحًا، عندما سألتها عن العلاقة بين الروائي والممثل، وكيف تتمُّ، ومن يجب أن يتسابق للقاء الآخر؟ فكان للفنانة يسرا رأيٌ، وهو أن المهمة تقع على الاثنين معًا، وقد أعجبني حماسَها للمواهب الشابة ونصائحَها التي في محلِّها.
كنت في هذا اليوم أحمل مؤلفاتي (سوادي جمال واغتيال صحافية) وعندما حضرت الفنانة يسرا، كتبتُ لها إهداءً قبل دخولي الندوة، وكنت على يقين بأني سأقابلها بعد انتهاء الندوة الحوارية، كان هناك صوت في داخلي يشجعني على هذا اللقاء بعد انتهاء الندوة، (اذهبي إاليها... هي تنتظرك) لم يكن الأمر شاقًا كانت مسرعة بسبب الأمطار الغزيرة، وعندما ناديتها التفتت وراءها، وأوقفت "البودي غارد" الذي أراد أن يمنعني، لم يعجبها تصرفه، وعندما علم بأني إعلامية اعتذر، وبكل حب تعرَّفت عليّ، وأخذت مؤلفاتي! وقالت: "سعيدة بهذا الإهداء... متشكرة جدًا وسأقرأ الروايات". سررت بهذا الموقف الجميل، النبيل الذي انحفر في ذاكرتي وكأني في مشهد سينمائي، كان يهمني أن تقرأ لي الفنانة يسرا! ولم يكن يهمني التقاط الصور معها، فمن يعرف شخصيتي يعلم بأني منذ بداياتي المهنية لا أهتم بهذا الجانب، بعدها مباشرة ذهبت مع صديقتي التي أوصلتني بسيارتها إلى المنزل، كان الجو يدعو إلى القلق! بسبب هطول الأمطار بغزارة شديدة، لدرجة أني شعرتُ بأنَّ الموت قد يقترب منَّا، فلم نعُد نرَ شيئًا، حتى وصلنا بسلام، وهنا نبَّهتني صديقتي إلى أنَّ هذا اليوم كان غريبًا بعض الشيء! ففي لحظة دخولي المعرض مثلًا، لم تؤخذ مني الكتب، لأن هناك قانونًا يمنع دخول الكتب دون وجود فاتورة؛ لكنْ، قد سُمح لي بذلك على غير العادة، وكأن القدر أراد لهذا أن يحدث.
بالنسبة لي، لم تتغير الصورة النمطية للفنان الحقيقي على المدى البعيد؛ غير أنَّ النجم الحقيقي والذي يلاقي النجاح خلال استضافته في البرامج الحوارية، وقد جمع بين الحضور (الكاريزما) وبين أن يكون مرآة تعكس فكر مجتمع عربي كبير عبر حوار هادف له جمهوره؛ ولديه قبول كبير بين محبيه؛ يحدث فرقًا!! وهنا استوقفتني عبارة للفنان المصري الراحل (أحمد زكي) عندما قال في أحد الحوارات التي أجريت معه: "الجمهور يعتمد على الفنان في إيصال معاناته، وكان لي الشرف بأن أكون الفنان المفضل الذي يعبر عن معاناتهم؛ وهذا ما يجب أن يفعله الفنان الحقيقي" وهنا كانت الفنانة يسرا حاضرة بمعاناة البطلة، عندما أدت شخصيتها بمهارة عالية في فيلم (لعدم كفاية الأدلة) وكذلك شخصيتها في مسلسل (في أيدٍ أمينة) ودورها المهم في مسلسل (فوق مستوى الشبهات) وذلك في دورها المتميز (رحمة) وغيرها الكثير من الأعمال الهادفة، والتي تسعى من ورائها إلى معالجة قضية، تعبر من خلالها عن معاناة حالات كثيرة نراها من حولنا، وهي الحقيقة المعبرة والصادقة.
إنَّ اختيار الفنانة يسرا أعمالها، وانتقاءها للأدوار الهادفة تلك، يوضح شيئًا مهمًّا جدًا، وهو ضرورة وجود ثقافة ووعي لدى الفنان، والتي لمسته بنفسي خلال الندوة الحوارية! ما يثبت أنها قد أوصلت رسالتها الفنية بكل حبٍّ واقتدار، وعي وثقة، وسأستعين هنا، بعبارة قالتها الفنانة يسرا نفسها، في حوار قديم لها رداً على سؤال الإعلامي الراحل (مفيد فوزي: "الفنان الحقيقي يشعر بالمجتمع المطحون" وفعلًا، هذه هي الفنانة القديرة يسرا.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium