أوكرانيا غيّرت قواعد اللّعبة.
#صفقة من تحت الطّاولة بين الغرب، الولايات المتّحدة الأميركيّة وروسيا، بطلها بوتين، حملت غاز الشرق على طبق من فضّة إلى أوروبا.
#الدّب الرّوسيّ يستعيد أوكرانيا ويشرّع وجوده في شبه جزيرة القرم، ويضمن حياد دول أوروبا الشَرقيّة، المتاخمة لحدود روسيا، ويحصّن سيطرته ونفوذه على قواعده وقلاعه ومغانمه من سوريا حتى أوكرانيا.
#حكامنا عادوا إلى السّلطة بصفقة الخيانة الكبرى، باعوا الغاز والنفط وأموال المودعين والسّيادة والقرار الوطنيّ مقابل المناصب وأموالهم المنهوبة ورفع العقوبات.
غباؤنا وذكاؤهم… عمالتنا وصراعاتنا الغبيّة مقابل دهائهم وأجنداتهم التوسعيَة.
إنّ ما نعيشه اليوم، يدلّ على عمق وتشعّب الخيوط والصّراعات والحروب الباردة والخفيّة، والّتي تشمل الكرة الأرضيّة، وتُدخل الأمم والدّول، صراعات محمومة لتقاسم المغانم والسّيطرة والاستئثار بالحكم والنّفوذ لقيادة العالم. إنّ ما يحدث على السّاحة الإقليميّة والعالميّة يكاد يشبه الجنون.
لمن سنعتذر؛ نحن الشعب المطحون بين سندان فساد وارتهان السّلطة الحاكمة، وبين مطرقة أجندات ومؤامرات الدّول الكبرى وأطماعها؟
للوطن؟ لنا؟ لأولادنا وضياع مستقبلهم؟
نعتذر منك يا أيّها الوطن المصلوب على خشبة الخيانة والصّفقات والفساد الذّي "نخر كلّ شيء حتّى العضم".
فمن أجل منصب من هنا وصفقات ورشوات ورفع عقوبات من هناك، عادت الطّبقة الفاسدة إلى الحكم. باعت قميص الوطن واقتسمت في ما بينها الأرباح، وبقبلة يوضاس سلّموا البلد والشّعب هديّة وجائزة ترضية. ومنحونا الفقر والذّل والهجرة والعيش في الجحيم.
لو قدّر للعدالة أن تتكلّم، أن تصدر حكمها، لكانوا على المشانق يتأرجحون وفي السّجون يقبعون.
بدأت ملامح صفقة القرن الكبرى، بين الغرب وأميركا، وبين موسكو، تتكشّف شيئاً فشيئاً.
اليوم، دخلت السّفينة اليونانيّة، عابرة قناة السويس متّجهة نحو حقل كاريش، متجاوزة الخطّ 29، المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل. وسط صمت السلطة الحاكمة، واستمرار تلكّؤها عن القيام بواجبها وتوقيع المرسوم 6433، لتعيين حدودنا البحريّة، فنثبّت بذلك حقّ لبنان في غازه ونفطه. ستتبعها سفن أخرى، وسيبدأ التنقيب عن الغاز، تخزينه ومن ثمّ شحنه إلى أوروبا.
عبرت قناة السّويس، كم كان الثمن؟
فحرب بوتين على أوكرانيا، سهّلت الطّريق أمام عبور السّفن إلى البحر الأبيض المتوسط، لجعله الغاز البديل عن الغاز الروسيّ إلى أوروبا.
اجتاح بوتين أوكرانيا بعد أن ضمّ شبه جزيرة القرم، وسط صمت من قبل حلف الناتو، ومساعدات محدودة لأوكرانيا. وانقسمت أوروبا قسمين، قسم مع السلام والحوار مع موسكو، والقسم الآخر ينادي بدعم أوكرانيا ومحاسبة بوتين وعدم الرضوخ لمطالبه.
فالنفط والغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا، مقابل سيطرة قيصر روسيا على قواعده وقلاعه على الساحل السّوريّ: أهمّها طرطوس واللاذقيّة، وصولاً إلى أوكرانيا ودول أوروبا الشرقيّة، وضمان حيادها
وتكون بالتالي منزوعة السّلاح وتدور في فلك موسكو، أقلّها المتاخمة للحدود الروسيّة. مع إعطائه شرعية لبقائه في شبه جزيرة القرم وجورجيا.
دعم أميركيّ لخطّ أنابيب قبرصيّ - يونانيّ، تحت البحر لتزويد أوروبا بغاز الشّرق الأوسط. وقد توصّلت كلّ من إسرائيل واليونان وقبرص إلى اتّفاق بشأن مدّ خط أنابيب East-Med، الّذي سيمتدّ من سواحل إسرائيل، قبرص واليونان إلى حدود إيطاليا.
ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانيّة، تصاعدت دعوات لإعادة إحياء مشروع إنشاء خط أنابيب الغاز Med-cat بين فرنسا وإسبانيا، لجرّ الغاز من الجزائر عبر إسبانيا ومنها إلى باقي دول أوروبا، للتخفيف من الحاجة لاستيراد الغاز الروسيّ.
كلّ الدلائل تشير أنّ المنطقة قادمة على أحداث كبيرة، يصعب التكهّن بحجمها ونتائجها ومدى تأثيرها على خرائط الدّول ونفوذها.
روسيا، ضابطة الإيقاع في سوريا. تمكّنت من إرضاء إيران وإسرائيل ولجم شهية تركيا. لكنّ انشغال بوتين بالحرب في أوكرانيا، جعل كافة الأطراف تتسابق لملء الفراغ الروسيّ في سوريا.
- تفاهم روسيّ - تركيّ فيما يخصّ الشمال السوريّ، أدّى إلى انسحاب المعارضة من حلب.
- تفاهم روسيّ - إسرائيليّ، أدّى إلى بقاء المجموعات التّابعة للحرس الثّوريّ، بعيدة عن الجولان. ولعلّ الضربات الإسرائيليّة الكثيفة على مخازن الأسلحة وشحنات الصواريخ، تتمّ بغطاء روسيّ وغضّ نظر واضح.
ولا يمكن لإسرائيل أن تقف مكتوفة اليدين أمام التمدّد الإيرانيّ في الجنوب السوريّ، وهو ما بدأ يقلق المملكة الأردنيّة الهاشميَّة أيضاً، مع تزايد وتيرة عمليات تهريب السّلاح والمخدَّرات بغياب الرقابة الروسيّة.
ما هو مصير مفاوضات فيينا بين أميركا وإيران؟ هل ستردّ إيران على عمليات الاغتيال الغامضة التي تطال علماء برنامجها النوويّ؟ هل سيبقى حقّ الرّد، في المكان والزمان المناسبين، ردّاً على الغارات التي تطال مخازن وشحنات الأسلحة والصواريخ والمسيَّرات التابعة للحرس الثَّوري والمعدّة منها للشحن لـ"حزب الله"؟
يبدو أنّ بطل الحرب والسّلام ورجل المرحلة من دون منازع، هو بوتين.
يبدو أنّ أوروبا ربحت النفط والغاز البديل، وإسرائيل تنعم بالسلام والنفط والغاز والنّفوذ.
تركيا وإيران تتقاسمان قالب الجبنة في سوريا، الخليج يتهيّأ لفرض شروطه ويطبّع مع إسرائيل ويعيش عصر نهضة وتقدّم وحداثة.
لبنان وحده الضّحيّة، وحدنا دفعنا الثمن.
سرقوا أموالنا.
سرقوا نفطنا وغازنا.
هجّروا أولادنا.
دمّروا مؤسّساتنا.
أفقروا شعبنا
فجّروا عاصمتنا ومرفأها.
أرجعونا مئات السنوات إلى الوراء.
سلبونا كلّ الفرح والأمن والأمان والأمل بالمستقبل.
فبعد سويسرا الشرق بتنا صومال وكولومبيا الشرق. بتنا تحت خطّ الفقر والتخلّف وعلى أكتافنا عبء اللاجئ الفلسطيني والسّوريَّ. وحلم الهجرة بمراكب الموت.
شكراً، هذا من فضل دولتي. شكراً، هذا ما فعلته دولتي وحكّامها بشعبي وبوطني.
شكراً لخطّ 29 وغاز كاريش وقانا وصفقة العصر، لقد كنّا الضحيّة وطبق الحلوى على الطّاولة في الغرف السّوداء، كلّ ذلك بفضل تواطؤ حكّام " دولتي" وحماية السّلاح للفساد، وتغطية الفساد للسّلاح.
تخبزوا بالأفراح.