النهار

الفستق السوداني حلم اللبناني
المصدر: النهار - سعد نسيب عطاالله
الفستق السوداني حلم اللبناني
الفستق السوداني
A+   A-
قرأت خبراً صحفياً مفاده أن وزارة الداخلية أعلنت عن ضبط ١٦٥ كلغ من الكبتاغون (ما يعادل المليون حبة)، في مرفأ بيروت، مخبأة داخل "محدلة"، كان منوي تصديرها إلى السودان كوجهة أولى، وتوقيف المتورط الرئيسي "خ. س"، وهو سوري الجنسية، استخدم هوية لبنانية مزورة في اتمام معاملات الشحنة.
بالطبع، إن مثل هذا الخبر "يثلج القلب"، لكنه لا يضخ أملاً عند القارئ المتسوق ضرورات يومه الأساسية في سوبرماركت يقع في مركز تجاري شهير، وليس عند كثيرين ممن التقاهم كاتب المقالة بعدئذ، الذين ليس بمقدورهم شراء الفستق السوداني الذي يشتهونه، منذ فترة طويلة، مع أولادهم!
دفعني فضولي، إلى طرح السؤال التالي على العديد من الأشخاص الذين استوقفتهم بلطف وابتسامة ضروريين، تحاشياً للصدام معهم: "متى أكلتم الفستق السوداني آخر مرة؟".
استقبل بعضهم سؤالي للوهلة الأولى بدهشة، أو ابتسامة، أو تعجب، أو تردد، وتعددت إجاباتهم بين الصراحة، أو الحيرة، أو عدم الاكتراث!
ابتسمت عاملة ترويج مواد غذائية واعترفت انه مضى عليها وقت طويل لم تتناول فيه الفستق السوداني لأن ثمنه أصبح غالياً؛ وأجابني خياط يعمل في محل ألبسة أنه باستطاعة بعض الناس "القادرين" تناول الفستق الحلبي عندما يشاؤون، وآخرون كثيرون لا يستطيعون شراء الفستق السوداني لأطفالهم.
أما العاملة في محل للعطور، فاختصرت الإجابة بأنها سوف تنفق كامل معاشها الشهري الوضيع إذا أكلت الفستق السوداني ثلاث مرات بالأسبوع. أما النادل في مقهى ستاربكس الذي يبيع فنجان القهوة الأميركية السوداء
بـ65000 ليرة نقداً وعداً، أجاب أنه لا يفكر في تناول كل المكسرات، حتى الفستق السوداني الذي هو الأدنى ثمناً، لأنها سوف تنهك مدخوله الشهري!
لا أريد الإطالة على القارئ الكريم في ذكر جميع الإجابات عن سؤالي، إنما أعود معه إلى خبر ضبط وزارة الداخلية العتيدة للكابتغون المخبأ في المحدلة المصدرة إلى السودان، وألفت نظر المسؤولين اللبنانيين الذين يحمون الشعب السوداني، أو سواه، من آفات المخدرات الخطيرة، أن يطلبوا من الدولة السودانية تصدير سفينة أو سفناً، محملة بالفستق السوداني حتى يتم توزيعها مجاناً على كل اللبنانيين، عوضاً عن انتظارهم وصول كتاب شكر وتقدير وتنويه بالسلطات الأمنية اللبنانية، من الدولة السودانية.
بذلك، نكون قد حركنا النخوة العربية التي نتغنى بها وعن غيرة الأخوة والأشقاء العرب في حرصهم على سلامة وأمن وصحة الشعب اللبناني "الشقيق" الذي تشق حياته يوميا(محادل الفساد، والرشاوى، والاختلاس، وتهريب المخدرات والممنوعات)!


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium