النهار

الأوطان تبنى على أكتاف الصغار...
المصدر: النهار - كريستين السويدي
الأوطان تبنى على أكتاف الصغار...
منذ الطفولة يتكلّمون عن بناء أوطان وأمجاد خالدة لثقافاتٍ مختلفةٍ دامجةً معها الأديان المبشّرة بالسّلام
A+   A-
منذ الطفولة يتكلّمون عن بناء أوطان وأمجاد خالدة لثقافاتٍ مختلفةٍ دامجةً معها الأديان المبشّرة بالسّلام. منذ الطفولة نتشرّب معنى الهوية الوطنية والحفاظ على السيادة لأنها أساس الملك وكلمة الحق تُقال على قطع الرؤوس. أغانٍ وطنيةٍ، أشعار رنانة، ننشد النشيد الوطني، نتعلّم كيفية تعظيم السادة الحاكمين، وغيرها... الأوطان، الأوطان حبٌ مغروس منذ نعومة أظفارنا، وحقدٌ مرمي بباطن عقولنا يتخبّط للهروب مما يواجه من كبت على مرّ السنين. ما هو الوطن؟ أفعلاً نعيش في وطن؟ من نحن داخل الوطن وخارجه؟ تعريف كلمة "وطن" تأتي كالتّالي: الواو الحرف السَّابع والعشرون من حروف الهجاء، يرمز لقوة التأوه والألم، بالإضافة إلى المجد والخلود المنبعث من جمال كل ما يتضمنه الوطن... الطاء هو الحرف السادس عشر من حروف الهجاء، فهو صوت شديد مطبق ووصفه القدماء بأنه صوت مَجهُور ونسمعه في معظم البلاد العربية مهموساً. تلك الطاء الرامزة للطمأنينة والهدوء... تلك الطاء الهامسة للطمأنينة التي تخشى الصراخ من كثرة الأنين المزروع داخل كل قطعة أرض وفكر إنسان... آه لتلك الطاء وجَهرٍ لواو مفككة من كثرة السقوط... النون الحرفُ الخامسُ والعشرون من حروف الهجاء، وهو مَجهُورٌ متوسط، كأنما النون هي همسة أو نفس لم يعد يستطيع الرجوع إلى الخلف إنما للتقدم ليزيل عنه تعب وشقاء السنين المحمولة على أكتاف المواطنين... فالوطن مزيجٌ من الأسى، سكينة، مخاض مع العدو، البحث عن الذات داخل الهوية الوطنية، اللعب بأزقةٍ ضيّقة المَمر، المطالبة بحقوق باتت مهترئة بمرور العقود ولا أحد يبالي... فإن الأوطان تبنى على ومن أكتاف الصغار، من نحن بلا وطن ومن نحن داخله؟ بالنسبة لشابةٌ بعمر الزهور بعز نشاطها تعمل لبنيان وطنها الخاص ومستقبلها، فقد أصبح وطن هو قبر فارغ يدعو للهجرة، تلك الشابة تحب وطنها لكنها تصارع للبقاء وتحمّل العذاب وبين الذهاب بعيداً عنه حيث الاستقرار... وطني استنزف طاقتي، طاقتي بالتحمل ومراعاة المشاعر والصراعات، إستنزف هدوء أفكاري الطامحة لنيل المراتب والشهادات التي تليق بكل إنسان يعمل بجهد للوصول إلى مبتغاه. استنزف صحتي النفسية والجسدية... يضعون الوطن ثم المواطنين لخدمة أمجادٍ باطلة باتت عفنة من الفساد. صغار كنا، تعلمنا الحب والتضحية للقضية، لكن إلى متى سنظل ندعم ونشجع هوية أصبحت بالكاد واضحة وشبه مفهومة بسبب اعوجاج الحكام وطمعهم بالمال والسلطة، خصوصاً بالكرسي المالك لعقولهم الفارغة. مجدهم بعارهم، مجدهم بكرسي يختارونه في كل مرة على صحة شعبهم واستقراره. كرسي يحركهم على سجيته... إن تكلمنا ينسبوننا إلى الثوار والمخربين وللسكوت أيضاً جريمة، صمت المشتركين فيها... أحبوا أوطانكم، أوطانكم الداخلية والخارجية أحبوا ذواتكم لتحبوا أوطانكم... أريد المكوث بوطني لكن ليس على حساب سعادتي وأهدافي، لذلك اتنفضوا على كل ما هو سامّ وضارّ لكم... انتفضوا لا تخضعوا... لكي يبقى حمل ذلك الطفل صغيراً على قدر كتفيه الصغيرين... انتفضوا.


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium