هي لمعة العين ما قبل غيث الحنين بعد عطش الأرض من حر الغربة. هناك في البعيد، قرب السماء واثناء العودة الى الديار الفانية تنشق عطر نسيم الروح. التفت ولمح وجهها الملائكي الساحر فسطعت عيناهما بنظرات أسرع من البرق جلبت بعدها شلالًا من المشاعر انهمر على كليهما فروى مروج قلبيهما بعد ظمأ طويل. برهة من الزمن برَدت غليل أشجانهما وجعلت أنفاسهما تزهر شيئًا فشيئًا الحياة والبهجة في الأعماق حيث تقطن الروح.
أمر يتخطى كلّ قوانين هذا العالم وناسه ومكوّناته بحدوده وزمانه. إنه رابط أزلي جذوره في أفئدتهما وعروقه تمتد الى السماء. رابط إن تأملت فيه جيدًا ترى عذوبة الأفكار تمشي في هياكل روحيهما الشاهقة العالية فوق الغيوم هناك تسبح الأنوثة الخلابة فتنسى موطنها، وأين وُلدت، وتشاهد دماثة ونبل رجل ترك العالم ليرتشف الحب الطاهر من مقلتيها.
حينما يلتقيان يفوح أريج نفيس ساحر لا مثيل له بين العطور يعبق في انفاسهما فتختلج الأعماق وتحدث خفقانًا أغرّ أنيقًا يزكي النفس بمشاعر صادقة وحنين بار وبشوق عفيف لاتّحاد أزلي عظيم.
تلك اللمعة من عين الزمن أثناء اللقاء تخلق نورًا وهاجًا يحيط بهما ويبعد عنهما شوائب العالم بأسره، فيجعل روحهما الواحدة تغمر الجسدين بفكر واحد وقلب واحد، فتجتمع طيور الأحاسيس لتغرد بلغة واحدة لا يفقهها أحد في الكون أجمع، وتنسكب عليهما قوة الإيمان والثقة في مبادئهما، في بعضهما وفي السماء والخالق...