يقولون لي: "لماذا لا تكتبي باسْتمرار فلديكِ قلَم جيّد؟".
قُلْتُ: "لا أُريد أن أَكون أسيرة الكلمة وأهواءها".
الكلمة غلالها قويّة، والانعتاق منها صعب تماماً كما تفعل بيّ منذ عدّة أيام.
في الماضي، كانت الحروب تنتهي بأشعارٍ نُظِّمَت من شُعَراء كانوا سُجَناء الكلمة... مَن أجاد كُرِّمَ، ومن فَشلَ حُكِمَ على براءة قلمه.
الكلمة تُغَيّر الأمزجة بقوّتها. المُتَلَقّي تُؤثّر فيه كلمة واحدة فَتُحدّد أحياناً مسار حياة بأكملها...
قُلت: "ليس قلمي الذي هو جيّد أو سيّء بل الكلمة؛ حين تَتَمَلَّك بي تأمر أصابعي بالاحتيال عليه، تُدلِّلُه وتُغريه، فيصبح خانعاً ليُسَطِّرَ ما تُمْليه عليه".
الكلمة سيف ذو حدّين؛ إن سَيطَرَت علينا تُسْكِرُنا وتدفعنا للكتابة بانسياب منصاعين لما تهِبُنا إيّاه من مفردات. أحياناً نُجيدها ونضعها على الورق، فيثني علينا القارئ، وأحياناً كثيرة لا نُبدع، وتخوننا الذّاكرة، فنعجز مهما فتّشنا عنها لتأتي مُضجِرة فيخفر القلم دون ذنب، ويتمزّق الورق بفشّة خلق لجريمة لم يقترفها.
لقد تَمَكَّنت مني الكلمة اليوم أيضاً، وجعلتني أتبعها كأنها مغناطيس، لأتوجه إليكم بها، جاعلة قلمي ينتظر الفعل وردّة الفعل؛ وورقتي مُرتجفة تنتظر الحكم حيث جنيت عليها مرّات عديدة....
هكذا في كلّ مرة نَستهين بمهاجمة الضعيف...
ما أقواك يا كلمة! فمن يستطيع مواجهتك؟
فالتحدّي كلمة...