هو مهد راحة النفس، ملجأ المتعبين من هموم الحياة وظلم البشر. في مداره تحلّق الأفكار للحظة ثم تهوي في مروج النسيان وتتطاير وريقات الأحلام الوردية في فضاء الخيال فترتاح المهجة من كل تعب وألم.
في سكون الليل نمتطي جواد الوحدة وننطلق بعيداً من براكين الآلام وضوضاء العالم فتتنهد الروح الصعداء ونسترجع ذاتنا وأهمية كياننا فنحزم قوة الإرادة والصمود من جديد لمواجهة التحديات. في رحاب الهدوء المقدس نمحص أذهاننا من جلبة المجتمع وضوضائه وننصت إلى الصمت المقدس حيث ينتشر شذى الإيمان في حنايا الروح وتتطهر الأنفس من كل ضعف وشوائب. نخلع عنا كل أثواب التعب والخوف ونسير عراة أحراراً من كل قيود أعراف وتقاليد وقوانين هذا العالم، نتنفس الصعداء مع نسيم الحرية ونشعر بالأمان والسلام. نخط بريشة أحاسيسنا ما يختلج في أعماقنا من حب وآمال وأسراب من الأحلام ثم نتحسس يد الخالق مع الهواء العليل تلامس خدودنا، تتغلغل في صدورنا فتبعث فينا روح الرجاء. فجأة وأنا قابع على ضفاف الوقت أسمع وقع خطوات تدنو من نهر شجوني فأرى صديقي الحزن آتيا نحوي. يلقي التحية ثم يجلس بالقرب مني يقطف من شجرة دموعي أزهاراً يجمعها ويبلسم جراحي منها بصمت مجبول بنفحات الحياة فأشعر براحة تجعلني أسند رأسي على وسادة منام ناعمة حبكتها طفولتي من خيوط البراءة فتهنئ روحي حتى أغرق شيئاً فشيئاً في سُبات عميق.