النهار

سفينة في ضباب
سفينة في ضباب
A+   A-
وكما قالت مي زيادة إنّما حياة الإنسان على هذه الأرض محض مستمرّة رغم كونها محض عبور، فكم كانت صادقة في قولها عذا؟
فالإنسان على الرغم من تجاعيد زمانه وتعب شقيانه يستمرّ في البحث عن رحيق أمانه، بعد أن تكبّد في صدره كلّ ملامح عجزه، وخبّأ في قاربه أشرعته المشتتة، ومشى كأنّه يملك العالم في ذاك القارب.
عالم كامل هو قبطانه، مشى فيه كأنّه يألف كلّ الوجهات.
هو ذاك الذي لا يؤمن بخضوع الغد لميول اليوم، والذي لا يعرف أن يبحر إلّا بحتمية العوم.
تلك الروح التي تحارب بسلاح وحيد وكأنّها قوم، والتي تشرّبت كأس عُبر السنين كلّها في يوم، لتفطر على قمح سهولها بعدما سقته بدماء الصوم. دماء جسد ناضل في محض الاستمرار، في سيف مبرّق بملامح الإصرار.
جسد سكر عن التعب وكأنّ دمه هو الخمّار.
لينام بعدها كما عوّد نفسه مشبّعاً بكتب الكون، وحافظاً كلّ ألوان الحبور، وينعم براحة الوصول رغم كلّ ذاك المحض الذي تذوّقه ليشبع نفسه من كأس الصمود وينعم براحة العبور…
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium