نحن أناس ربتنا أمهاتنا كما في كل مكان في بقاع الأرض لنكون بشراً نُتقن ثقافة الحياة والإنسانية في كل مدينة أو قرية وناحية. هناك الصالح والطالح. لم نولد لنكون قطاع طرق وتجار مخدرات وخاطفين وهواة حمل سلاح وتُجار موت. نحن ببساطة، لم يدمغ جبيننا منذ الولادة بحبر الجاهلية والعبثية... نحن لا نريد الحرب بل نريد أن نتعاطى الحب ونُصدّر المحبة... ولا نحب الموت ونكره رائحة الدماء. نحن لا نريد أن نعرف من سيفوز ومن يقاتل، نريد أن نحيا بسلام وأمان... نريد فقط أن يعيش الجميع.
نريد أن نزرع ونحصد ونغني للحياه... نريد أن نشرب المشروب الذي نريد دون أن يفرض علينا أحد ماذا نشرب وماذا نلبس وماذا نضع على رأسنا أو في رأسنا. نريد أن نستمتع بشروق الشمس وألوان الغروب... نريد أن نزور جيراننا وأن يزورنا كل إنسان من أي بقعة في هذه المعمورة مهما كان لونه أو جنسه أو دينه. فنحن أهل الكرم وأهل النخوة والمضافات... نريد أن تعرفوا تقاليدنا وعاداتنا في العزاء وفي الأفراح والأتراح. فنحن أهل الدبكة والحنّة والعرس التراثي والزفّة وأهل النوبة والفزعة. نحن أهل دنيا نريد أن نرقص على أنغام الموسيقى، موسيقى الغرب والشمال والجنوب والشرق.
أخيراً، لا نستطيع إلا أن نقول إن مهرجانات بعلبك قدمت حفلاً رائعاً وممتعاً انتشلنا انتشالاً من واقع مرير ومحبط.
دومًا بعلبك ولّادة في جميع المجالات ونحن شعب مبدع ومناضل.
ونحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلاً، حفل ملحم زين في مهرجانات بعلبك الدولية رسالة إنسانية أخلاقية وليلة بعلبكية خالصة، كمية عواطف وأشجان لم يعهدها الفرد، كأن لكل ثانية قيمة؛ الأداء، الصمت، الكلمات ملامح ووجوه الواقفين على المنصة، ابتسامة المايسترو، إيماءات العازفين، المقدمات، حضور بجمال لا يوصف، إبداع وثقة وتواضع.
ليلة التقت آلاف الأعوام من الحضارة والفن والأصالة، في ليلة بعلبكية لبنانية بامتياز.
.