لعل ما يشغل بال اللبنانيين في الوقت الراهن هو سعر الصرف وخاصة بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، هل ستنهار الليرة اللبنانية أكثر؟ هل سيستمر هذا الوضع المستقر؟ أم أن هذه الفترة هي مرحلة بدء الحلول؟ أن مسألة الانهيار الحاصل في لبنان لا يرتكز بتاتا على شخص أو حادث أو مرحلة، إنما عدة عوامل تبدأ بتأزم الوضع السياسي الداخلي ولا تنتهي مع التجاذبات الخارجية المحيطة بلبنان.
إن أساس ثبات العملة في لبنان تكونت منذ تسعينيات القرن الماضي على الثقة ولاسيما الثقة في القطاع المصرفي وخاصة المصرف المركزي ومواجهته لمعظم الأزمات الداخلية والخارجية على حد سواء، فمن منا لا ينسى تثبيت سعر الصرف الذي بقي حتى العام 2019 أو الأزمة العالمية في العام 2008 والذي خرج لبنان منها مع قلائل دول العالم دون خسائر، إلا أن التجاذبات الداخلية السياسية وسياسة المحاور الخارجية وانقسام اللبنانيين على مختلف بيئاتهم كان لها الأثر البالغ والأساسي في الانهيار الحاصل الآن، وكان لابد من كسر التخوف الداخلي والحيرة الخارجية عبر قرارات المجلس المركزي في مصرف لبنان، والذي أرسى بعضاً من الاستقرار حال غياب الحاكم أو تغيره وذلك من خلال عاملين أساسيين هما أولاً منصة صيرفة التي أصبحت وظيفتها الحالية سحب الليرات اللبنانية لكبح التضخم، وثانياً الصرافين من خلال جمع الدولارات التي يتكفل المصرف المركزي بإعادة ضخها في الأسواق، وبالتالي توفير الدولارات ورفع الطلب على الليرة لتيسير أمور اللبنانيين اليومية، ما أوجد التوازن بين العرض والطلب، وخفف من وطأة الارتفاع السريع لسعر الصرف.
ولكن هل هذا يعني أننا في مأمن؟
قد يبقى الوضع حالياً على ما هو عليه حتى فترة معينة مرهونة بالسياسة اللبنانية بشكلها العام بما في ذلك الاتفاقات على الرئيس والحاكم وقائد الجيش في الفترة الراهنة وما قد يتبعها من إشكالات يتوقف عليها شكل لبنان الاقتصادي مستقبلاً، فلا أفق من دون خطة واستراتيجية حل على المدى القصير والطويل على السواء، فإن ما يقلق هنا عدم الوصول إلى اتفاق شامل داخلياً قد يضرب الاستثمارات والثقة في لبنان، فدائما علينا التكاتف لإعادة الاقتصاد اللبناني إلى الاستقرار المعهود أو على الأقل البدء في عملية الصعود من الهاوية.