النهار

مشاعر تائهة
ألجأ إلى الكتابة كنازحٍ يلجأ إلى دارٍ تحتضنه
A+   A-
ألجأ إلى الكتابة كنازحٍ يلجأ إلى دارٍ تحتضنه، كلما تثقل همومي الحياتية ألجأ إلى الكتابة، فهنا أكتب، أصرخ، أبكي، أضحك، ولا يستطيع أحد أن يحكم عليّ أو حتى يرمي الحجر علي بفعل ارتكبته عن قصدٍ أو عن غير قصدٍ. تعبت من الثرثرات السخيفة، والدردشات السطحية، تعبت من كل ما هو غير مطابق للمواصفات الداخلية. مواصفات بنيتها من كل ما هو مؤلم، تجارب صغيرة، خيبات أمل، تقلّبات مزاجية، صدمات نفسية، اجتماعية، تقلبات داخلية وخارجية، تنمّر، لحظات فرح، لحظات سعادة، بكاء، أنين، انهيار، نجاح، خواطر، وغيرها لا تعّد ولا تحصى. تلك الفتاة منذ صغرها تسعى وتحلم لتحقق رغبتها في الحياة وتصبح المرأة التي تريدها أن تكون. ليس كما يريدها المجتمع بل على صورتها ومثالها، لأنها خلقت حرّة كخالقها. لم يعلم خالقها بأنها ستصبح تلك المرأة برغم الهموم والمصاعب، تلك المرأة لا زالت تعمل جاهدة للحصول على عمل داخل وطن ممزق الهوية متآكل من كل الأماكن، داخلياً وخارجياً. الكلمات تخون صاحبها خصوصاً في الأيام التي يزدحم فيها الألم والمشاعر، تتكاثر وتدور لتطفو خارج البئر بتأتأةٍ، غرغرة دموع، فشة خلق... دائماً ما يسعى الإنسان للبروز بأفضل حلّة، لكن من قال إنه يمكنه الاستمرار بالتظاهر. كطالبة علم نفس اجتماعي، التظاهر هو من أسوأ الحلول التي يلتجئ إليها الإنسان للهروب من إظهار مشاعره الحقيقية خوفاً من المجتمع لأنها تعد ضعفاً وتهوراً. لكن ماذا يصبح الإنسان إذا لم يعبّر عما بداخله ويسمح لنفسه بالشعور بكافة أحاسيسه؟ إنها ليست بقوة، إنما خوف وتردد، من فضلكم كفّوا عن طمر مشاعركم، اسمحوا لها بالتنفيس لأنها إن لم تجد طريقها للخروج بطريقة واعية فسوف تنفجر بأكبر ضرر ممكن، وهذا غالباً ما يحصل عند الإنسان. بالله عليكم! كفّوا عن تعليب وختم الأشخاص عند تعبيرها عمّا يؤلمها ويفرحها:" ليش عم تبكي؟ ما بدّا هالقد! منيح غيرك عايش أضرب منك، منيح ما تنّق بقى! كأن صايرة حساسة شو جايتك؟" تسخيف الألم لا يجعل منك بطلاً بل وحشاً لأنك لم تسمح له بالشعور كإنسان. إنك إنسان قبل أي شيء! إنسان يمتلك قلباً وعقلاً ومشاعر وأحاسيس وعي ولاوعي، إنك كتلة متماسكة مترابطة تتناغم مع بعضها البعض، فأي عضو يتألم ترى الجسم يتألم. لا تخجل بما تشعر به ولا يحق لأحد بالحكم عليك، حرر ما في داخلك لكي تصبح حراً طليقاً، فتذكر في كل مرّة تشعر بأن العالم أقفل أبوابه بوجهك بأنك واجهة المزيد من المطبّات وخرجت منها. فهذه هي معركتك. حارب لكن تذكر بأنك إنسان ومن الطبيعي والبديهي بأن تشعر بالأسى والخوف والفرح... فالحياة ليست خطاً مستقيماً وكذلك حياتك وصحتك النفسية. فيوم تشعر بالقوة لمواجهة أفخاخ الحياة، ويوم تريد فقط النوم في الفراش. كل ما أطلبه بأن تهّون على نفسك وتشارك ما يؤلمك مع صديق أو أي إنسان تشعر بالراحة معه، دائماً ما يخفّ الحمل عند تقاسمه. هذا المقال أهديه لكل شخص تخالجه مشاعر تؤلمه ولم يستطع مشاركتها مع أحد. إنني فخورةُ جدّاً بما تقوم به سأظل أصّفق لك لأنك تخطو خطوة لمرحلةٍ أفضل ولم تستسلم. أنظر ها أنت ذا، تفوقت مرّة أخرى.


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium