النهار

عن جدّ زهّقتونا…
المصدر: النهار - كاتيا سعد - الإمارات
عن جدّ زهّقتونا…
عن جدّ زهّقتونا…
A+   A-
عشرات عناوين الـ Notification "خبر عاجل": دعوة هذه الدولة ثم الأخرى والأخرى.. إلى مواطنيها لمغادرة لبنان. عناوين إخبارية "صادمة" للبعض وبالتحديد لغير اللبنانيين خاصة في الخارج، ومن حولي يسألني "شو في؟"، وأنا: "شو في.. متل العادة دولتنا بحكّامها عم تقول أهلا بهالطلة بنسخة سياسية". مقابل هذه العناوين يمكنك أن تتوجّه إلى وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً stories تطبيق انستغرام، لتجد الحالة "ولعانة" سهر وأكل ورقص وبحر و"اسم الله أعراس قدّ ما بدّك". يا لسخرية قدر لبنان: سياسيون "عم يخربوها"، ومواطنون "عم ينشّطوها". فارحمونا لو سمحتم ودعونا نقول "أهلاً وسهلاً ع طريقتنا".
"إنتِ لبنانية؟" سؤال كان يتكرّر كثيراً على مسمعي خلال إقامتي في فرنسا؛ واليوم لا يزال يُطرح عليّ خلال إقامتي في الإمارات العربية المتّحدة. القاسم المشترك بينهما هو من جهة "نبرة الحب والإيجابية" عند طرحه، ومن جهة أخرى كلمة "حرام" بحسرة على الوضع القائم. أفرح كثيراً بأنّ لبنان وجهة محبّبة لدى غالبية الأجانب وحتى العرب؛ وبالمقابل أنا لست مُجبرة على تحمّل سوء إدارة السياسيين، التي تدحض بكل محاولات الإبقاء على لبنان كبلد شرعي كما عهدناه، وكما هي صورته في نظر من عرفه أو من سمع عنه.
الكل يعلم أنّ تفشّي وباء الترهيب في لبنان تعود جذوره إلى حكّامنا الكرام، عفواً إلى حكّام بلا ضمير، إلى حكّام من شأنهم سنّ قوانين على مقاس رغباتهم الحكومية والسياسية. هذا لا يعني لا مسؤولية تقع على الشعب، ولكن لو كانت الدولة تحمل بالفعل صفة "دولة"، وتتمتّع بالمهارات اللازمة، لكان كل شيء أفضل وإن تخلّله بعض الخروقات "الطبيعية". ومن أبرز القضايا مؤخراً، قضية "الرصاص الطائش"، الذي يصيب "أبرياء" آخرهم كانت الطفلة نايا حنا ابنة الـ 7 سنوات، التي ذنبها الوحيد أنها كانت متواجدة في مكان قريب من الذي كان يُحتفل به بنتائج الامتحانات الرسمية. نايا ليست الأولى، ومع الأسف لن تكون الأخيرة؛ لأنّ لا قرار يمنع مثل هذه "الهمجية" في طريقة الاحتفال، سواء في مرحلة ما بعد النجاح في الامتحانات أو في الأعراس أو في أي مناسبة أخرى. وحتى إن وجد مثل هذا القرار، للأسف لا يُؤخذ على محمل الجدّ.
ثم تأتي مسألة دعوة العديد من الدول مواطنيها لمغادرة لبنان، التي لن أغوص في خلفيتها، "لأنو عن جدّ زهقنا نعيد الموال نفسه". ناهيك بالطبع عن الفراغ الرئاسي، وكأن الخيارات كثيرة، أو الانتظار يستحق.. فما الذي سيتغيّر؟ لا شيء.. واأسفاه، وصلنا إلى مرحلة وجود رئيس للجمهورية أو عدمه، هما وجهان لعملة واحدة.
هذا هو لبنان الذي تركته منذ عام 2007، وكنت ولا أزال أردّد أن نمط الحياة الذي يتميّز به لم أجده إلا داخله. هذا هو لبنان الذي كنت أتمنى أن أعود وأعمل فيه بمجال الإعلام لأكتب "خبرة بلد"، ولكن لم أجد فيه فرصة عمل حتى الآن. هذا هو لبنان الذي ورغم مشاكله، أتمنى أن أعيش فيه لا فقط لأتنفّس، بل لأستمتع بما بقي ناقصاً في غربتي!!
لبنان اليوم هو رهينة، ينتظر من يفكّ أسره.. فهل تكون يدٌ خارجية؟ لمَ لا…
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium