النهار

شكلت الأرقام منذ الأزل حالة خاصة، حيث ذهب فيها علماء الرياضيات إلى آلاف المعادلات والنظريات الرياضية والنسب الهندسية التي تساهم اليوم في وقوف المباني والأبراج شامخة في وجه الانهيار. وراح البعض الآخر يلعب بالأرقام وجعل منها علماً يحدد من خلاله السن المناسب للحب، والارتباط، والزواج، وحتى يدعي البعض معرفة تاريخ انتهاء العلاقات البشرية عن طريق الأرقام، وذلك كله على أساس وجود علاقة روحية وطيدة بين الرقم والأشياء والعلاقات الإنسانية على حدٍّ سواء. وهكذا نرى أن الأرقام تذهب بنا إلى عالم العلم البحت، وفي المقابل تذهب بنا إلى عالم الخيال الذي يعتمدُ على استثمار الأفكار وبيع الأمل بالأرقام، ومن ناحية ثالثة تفتحُ الأرقامُ عالماً أدبياً واسعاً يُشكلُ أحجياتٍ عظيمةٍ تجذبُ القراء والمثقفين، وهذا ما لمسناه في رواية دان براون شيفرة دافينشي عندما لعب الكاتب على لسان البروفسور على وتر النسبة الذهبية والأرقام ليحرك خيال القارئ وعقله، ويلفت نظره إلى نسبة الأرقام التي تساهمُ في تشكيل الجمال في هذا العالم.
وفي السياق ذاته نجد أن الأرقام تجذبنا في الحياة اليومية لذا نحرص دائماً على اختيار أرقام هواتفنا بما يتناسب مع الأرقام التي تُشكل ذكرى مهمة في حياتنا، إما تاريخ ميلادنا، أو تاريخ ميلاد شخص نهتم لأمره، أو حتى تاريخ لقاء مهم، فيما تجذبنا الأرقام الذهبية التي تتألف من أرقام متشابهة وندفعُ مقابلها أسعاراً إضافية لما تحدثُه الأرقام من تأثير نفسيٍّ علينا كأشخاص، وفي ذلك نجدُ الشاب حمدان سالم البريكي من سلطنة عُمان يُبدعُ في تنسيق أرقام السيارات ويجني من خلالها أرباحاً خيالية في مهنة جديدة تُرضي ذائقة الشخص من الأرقام التي يُحبها أو تميزه عن غيره، حيثُ إنه قسّم عمله إلى أرقامٍ ثنائية وأرقامٍ أحادية، وثلاثية، ورباعية، وخماسية، بما يتناسب مع الجانب النفسي والمزاجي للشخص المقابل.
وباعتبار أن الأرقام جزء لا يتجزأ من خطة الكون، يرى البعض أن كلّ رقم يقابله اهتزاز كوني، وأن هذه الأرقام تُظهر الكثير الطابع الشخصي للفرد، والغرض في الحياة، والحافز، والمواهب الكامنة فيه، فقد زاد مؤخراً الاهتمام بالأرقام الخاصة بكلّ شخص سواء كان رقم السيارة أو الهاتف أو البطاقات الخاصة، وحتى الترتيب ضمن أفراد العائلة وبين الأصدقاء.