قال أحد الكتاب: يًعنى العقل بالحقيقة، وتهتم الأخلاق بالواجب، أما الذوق فإنه يوصلنا إلى الفن والجمال.
في هذا البلد لبنان أين أصبح الذّوق الفني؟ في بلدٍ رمزه الأرزة أي القوّة والصلابة تكونت جذورها بالفولكلور اللبناني أي بالأخوين رحباني والعمالقة اللبنانيين فلمون وهبة وزكي ناصيف ووديع الصافي. ألفوا الموسيقى اللبنانية بطابع فولكلوري لبناني وألّفوا موسيقى لبنانية أصيلة بصورةٍ بارزةٍ.
على أرزة نمت عبر السنين والأجيال وأصبحت قويّة ذات طابع وهوية بتاريخها الفني، فتلونّت هذه الأرزة الوطنية بألوان الأخوين فليفل رائدي تأليف الأناشيد الوطنية والموسيقى العسكرية، وأصبحت هذه الأرزة تعني بحجمها تنوع الألحان والإيقاعات الشّرقية.
في عصرنا الآن، أصبح الذوق الموسيقي غربياً، فالأغاني ذات الكلمات الشعبية والألحان الخفيفة هي الأكثر انتشارًا والأحب عند الشعب.
تتأثر هذه الأجيال بالأغاني الغربية، ومعظم الأجيال لا تعرف قيمة جذور هذه الأرزة الفنيّة.
رُبما تأثّرت الأجيال بالفنون الغربيّة بسسب فكرة الهجرة والوضع المعيشي الصعب الّذي يمرُّ به اللّبنانيون.
يجب على المدارس والمعاهد اللّبنانية تسليط الضوء في صفوف الفنّ على أهميّة تاريخ لبنان في الموسيقى التي حيّرت الشعوب بتركيبتها وجمالها.
رمزُ أرزتِنا لا يرمز فقط الى أرزةٍ عاديةٍ، فالتأمّل بها يدلّ إلى الثّقافة الفنّية المميّزة في تاريخ لبنان التي ارتبطت أيضًا بخليط الموسيقى الغربية وأصبحت تمثل الشّعب، فاخترقت العالم وأصبحت هذه الأرزة تعرّف هويّتنا الوطنيّة الثقافيّة المميّزة لجميع الشعوب.
لا بُدّ أن أيِّ شخص إن كان مقيماً في لبنان أم خارجه، عند استماعه إلى صوت "عصفورة الشّرق" فيروز يتذكّر بيروت وشجرة أرز لبنان.
ورغم الجو الحالي في لبنان، ورغم تراجع المستوى الفنّي اللبناني، لن يفقد ولا يمكن فقد لون أرزتنا، فلونها ليس اللّون الأخضر بل لون الرحابنة، وجذورها ليست خشباً بل عمالقة الفن الأصيل الذين صنعوا هذه الأرزة.