النهار

لبنان: هذا هو البلد الرديء
لبنان: هذا هو البلد الرديء يستفيق المرء من نوم ليلة، خالط أكثرها القلق والأرق، على يوم جديد من أيام حياته المهدورة في بيئة بلد موبوءة بكلّ مفاسد البشر
A+   A-
لبنان: هذا هو البلد الرديء
يستفيق المرء من نوم ليلة، خالط أكثرها القلق والأرق، على يوم جديد من أيام حياته المهدورة في بيئة بلد موبوءة بكلّ مفاسد البشر.
يصحو المرء مرهق الأعصاب، منهك الأفكار، مرتبك الأهداف، كسول الأطراف، ضعيف الأداء، يحوطه فراغ زمنيّ غاصب، مرتهناً لحدث سياسي مملّ، ينقله إلى صراع قاتل مع استمرارية وجوديته الافتراضية.
يحاول استرجاع واستجماع بعضاً ممّا تبقّى من قواه وإرادته المشتّتة، ينهض من ثباته، يضع عليه ثيابه، ويخرج إلى الملأ الأوسع متوعك المزاج، يتكئ على أمل مفقود، في بلد شريعة أدغال البشرية الساقطة في مزبلة الزمن الرديء.
ولد في بلد هجره الضمير، واحترق فيه الحق قبل أن يصبح جنيناً في رحم الحياة.
ولد في بلد يفتقد الإنسانية، ويسود فيه الباطل والشرّ.
ولد في بلد أعطي فيه اسماً للدلالة على طائفته، وحتى مذهبه، في أغلب الأحيان.
ولد في بلد وضعه في قطيع يرأسه تيس مدجّن أباً عن جدّ، يكون الحاكم الأوحد المتحكم بمسيرة حياته الكاملة.
ولد في بلد تتحكم بمنظومة شرهة ومفترسة من ذئاب الطوائف وأمراء الحروب الأهلية.
ولد في بلد ظنّ أنّه يستطيع أن يحيا فيه في كنف العدالة والمساواة، ووجد نفسه بعد صحوته من غيبوبة نضاله التعليميّ والعمليّ الطويل، أنه يعيش في كنيف المرض والجهل والجوع.
ولد في بلد سرقت مصارفه جهوده وجنى عمره، وأمسى ركاماً على أطلال نظام مختلس مستبد ظالم وقاهر.
ولد في بلد أدنى من حظائر المواشي، وأكثر وساخة من ركن الخنازير.
ولد في بلد وضعه بين خيارين اثنين: إما أن يبقى خاضعاً ذليلاً في قطيع مذهبه وطائفته، أو أن يُصبح ثائراً على التقاليد القاتلة، ويعتنق الفكر الإجرامي المتطرف.
وللأسف، ولد في بلد كان خياره الأول انضواؤه الطوعي لحماية الطاغية، وخياره الثاني الهجرة إلى غياهب الدنيا القاسية.
ولد، وليته لم يولد، حتى لا يكون صنماً واقفاً في طوابير الذلّ والهوان على محطّات الوقود، والأفران، وأبواب الصيدليات، وأمام أبواب السفارات، التي هي أساس الداء المطلق.


الكلمات الدالة
إعلان

الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/22/2024 3:23:00 AM
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.

اقرأ في النهار Premium