لقد دخلنا مرحلة المُنافَسة الشَرسة في العمل إلّا أن هذا الموضوع ليس جديداً، ولكن الوضع الاقتصادي المتردّي جعل الموظّفين كالذئاب المُفترسة المُتصيّدة لزملائها.
تَكثُر الأجواء السلبيّة في وَسَط العمل لأسباب كثيرة منها:
على صعيد المُوظّف
- عدم تقبّل الموظّفين القُدامى المُجتهدين لزملائهم الجدد.
- الوضع الاقتصادي والقلق على الوظيفة يدفعان بعض الموظّفين إلى مُضايقة زملائهم عبر الشائعات المزيّفة، ما يدفعهم للابتعاد عن موظّف معيّن كما والتفاف المجموعات ضدّ موظّف جديد مثل آليّات عمل السياسة العقيمة التي لا تأتي بالإنتاجية بل بكبح الخلق والإبداع. إنها منظومة صغيرة تُشبه المافيا وتتسلّط على العمل، فإمّا أن تكون عُضواً فيها مكبّل اليدين وإمّا أن تكون خارج هذه الدائرة وعُرضة للإزعاج المستمرّ.
- عادةً ما يكون الموظّفون ذوو الخبرة تحت مِجهَر المُنافسين بأساليب ملتوية.
- منع المبادرات الشخصيّة، الإبداع والأفكار الجديدة من قبل المُنافسين.
- الثقافة والعلم والاطّلاع تُساعدُ على الترفّع عن الأمور الصُغرى، لكن بعض الموظّفين يناسبهم البقاء في بقعة الجهل والهيمنة الرخيصة، ما يُتيح لهم الاستبداد بالموظّفين الآخرين والتنديد بهم لدى الإدارة.
- غَيرة مَرَضيّة وحَسَدٌ مُفرط.
على الصعيد الإداري
- لا يوجد ثقافة معيّنة في الشركة كما واستخدام مبدأ "فَرّق تَسُد".
- منع المبادرات الشخصيّة، الإبداع والأفكار الجديدة للموظّفين من قبل الإدارة.
- إدارة عمل تقليديّة عموديّة غير متطوّرة.
- لا تصميم للمكاتب يحترمُ المهنيّة والخصوصيّة.
- تَشدّد وعدم مرونة لا في دوام العمل ولا بقوانين العمل من قبل أرباب العمل.
- لا تدريب مهنيًّا للموظّفين.
- لا تستمع المؤسسة إلى مشاكل الموظّفين.
- لا تعتمد المؤسّسة على أساليب صارمة تمنع أيّ سخافات تضرّ ببعض الموظّفين.
- لا تُعطي المؤسّسة دوراً مهمّاً لإدارة الموارد البشريّة، ويبقى ربّ العمل أو أعضاء مجلس الإدارة هم المسيطرون على كلّ الأمور فتكون إدارة الموظّفين شكليّة فقط.
- الإدارات تُعطي أهميّة كبيرة للقُدامى نظراً لالتزامهم بالعمل لمدّة طويلة.
- إيحاء للإدارة من قبل الموظّف القديم بأنّه لا بديل له إن ترك العمل ولا أحد يستطيع القيام به غيره. أمّا خوف أرباب العمل من خسارته لا يساعد على محاسبته في ظلّ الإزعاج الكبير الذي يسبّبه لزملائه.
على صعيد الدولة
- لا يوجد مُراقبة تحمي الموظّف من أيّ استغلال.
- لا تأمين صحّياً متوفّر يُعطي قليلاً من الطمأنينة.
- لا ضمان شيخوخة.
وبما أنّ مُعظم مؤسّسات وشركات لبنان هي شركات عائليّة، سوف نجد هذه الظاهرة منتشرة كثيراً، بيدَ أن العقليّة القديمة السائدة والمُتوارثَة في آليّة العمل ما زالت راسخة في جميع المؤسّسات وعلى اختلاف أنواع الشركات.
أتوجّه إلى أرباب العمل بالقول: لا إنتاجية كبيرة ولا تفانيَ في العمل في هذه الأجواء، فكيف إن إجتمعت هذه الأجواء السلبيّة مع الرواتب الزهيدة والدوامات الطويلة؟ نتيجة قاطعة من قبل الموظّف المُستضعَف: لمَ التفاني والتضحية إلى هذا الحدّ؟
حان الوقت لأخذ الخطوات اللازمة لحماية أجواء العمل، ألا يكفينا أمّة لا تهتم بأبنائها وتركتهم عُرضة للاستغلال المادّي والنفسي.
إلّا أنّنا نأمل أن تتّخذ الدولة "إن وُجِدَت" خُطُواتٍ صارمة لحِماية العامل أو الموظّف من الاستغلال المادّي والمعنوي كما وتقديم التأمينات الصحيّة وضمان الشيخوخة.