لا أكتب من قبيل الحسد، أو ضيق العين، أو أعتباره إخباراً لوزير الخارجية الذي يسعى للحصول على "داتا" النازحين السوريين في لبنان، من المفوضية العليا للأمم المتحدة، إنما من باب نقل ظاهرة ما شاهدته في حوانيت بلدتي للمرة الأولى منذ قدوم العائلات النازحة إليها.
صادف يوم السبت، في الثاني عشر من آب ٢٠٢٣، حين كنت أتسوق في الحوانيت الثلاثة المتقاربة، الواقعة على الطريق الرئيسي للبلدة، بحثاً عن أسعار معقولة لمواد غذائية أساسية، من خضار وفاكهة موسمية.
لفتني وجود العديد من المتسوقين والمتسوقات النازحين السوريين، يفوق بكثير ما كان عليه الحال في الأيام السّابقة.
استرعى انتباهي وجود عملة دولارات أميركية نقدية، ومن جميع الفئات الدنيا والعليا، في أيادي السوريين، ومن كلّ الأعمار؛ لا بل أنّ أطفالاً كان في حوزتهم دولارات من فئة الخمسين دولاراً، ينتظرون دورهم لتسديد ثمن مشترياتهم المتعددة، بينما يسدّد أبناء وسيدات البلدة مشترياتهم القليلة، بالقليل من العملة اللبنانية!
يبدو أنّ ذلك اليوم قد شهد حضور مندوب مالي عن المفوضية العليا للاجئين الى البلدة، وقام بتوزيع مبالغ المساعدات النقدية مباشرة الى كلّ نازح، وفي مركز سكنه، دون أن يدري سواهم من أهالي البلدة بذلك، حرصاً من المفوضية على تأمين المساعدات للنازحين دون تأخير، وتسهيل الحصول عليه، في غياب نظام مصرفي منتظم!
هنيئاً للنازحين بما حصلوا عليه من مساعدات نقدية، ومريئاً بالماكولات التي ابتاعوها، لكن هل تعلم السلطات اللبنانية المعنية بالنازحين السوريين بما يجري، مسبقاً؟
لا بدّ من طرح الشكوك حول ما تقوم به المفوضية العليا لناحية تثبيت مواقع سكن النازحين في "داتا" متجدّدة من شأنها تقديم مساعدات مالية مستقبلاً، تكون كافية لشراء النازحين أماكن سكنهم من اللبنانيين الذين يزداد فقرهم وعوزهم، شهراً بعد شهر، وعاماً بعد عام، وبالتالي تنفيذ خطة تهجير العائلات اللبنانية، ثمّ التوطين الخبيث للنازحين لاحقاً.
أتمنّى ألّا يكون ما ذكرت آنفاً حاصل بالفعل، كما أتمنى من أولئك السياسيين "الشمطاويين" الذين يستنكرون وجود وبقاء النازحين قولاً، وليس فعلاً، أن يبادروا الى تقصّي ما أتيت عليه، والتحقّق من مصداقيته!