في الوقت الذي يسعى فيه العالَم جاهدًا للوصولِ إلى الحقيقة، نُواجه اليوم تحدّيًا في معرفتها بسبب انتشار الأكاذيب. ومن دون أيّ تبريرٍ أو سابق إنذار، تساهم بعض وسائل الإعلام في نشر الأخبار المغلوطة أو ما يعرف بالـ fake news، إمّا بهدف التّشويق ولفت الانتباه، وإمّا بهدف التّحريض ومن هُنا وُلد خطاب الكراهيّة.
ولطالما استُخدم خطاب الكراهية، لتحقيق مكاسب سياسيةٍ في الحياة العامة بوساطة نشر خطابٍ معادٍ موجّه ضد المكوّنات العرقيّة والدينيّة والجندريّة والمهاجرين واللاجئين والنساء وما يسمى "الآخر".
ولا شكّ أنّ خطاب الكراهيّة يضعف المجتمعات ويدمّرها، كما يعمل على زرع بذور الخوف والكراهية وانعدام الثّقة في نفوس أفرادها. وبات يستخدم لتحقيق أهدافٍ سياسية حيث يؤجج المشاعر معتمدًا على التضليل ونشر الأخبار المضلّلة. لذلك، إذا تركناه من دون رصدٍ ومراقبة، يمكن أن يؤدّي إلى أعمال عنفٍ وربما يساعد في تهيئة الظّروف الملائمة لارتكاب جرائم إبادة جماعيّة.
شهدت الأزمات المتعدّدة الأوجُه في لبنان تسارعًا وتفاقمًا في الأحداث، سيطر على مختلف السرديّات في الخطاب الإعلامي كما صعّد حدّة التوتر في بعض المناطق. وقد قدّرت اليونيسف أنّ أكثر من نصف السكّان باتوا الآن يعيشون تحت خط الفقر وأنّ "مشاكل وباء كوفيد-19، وتفجيرات آب 2020 في بيروت، وانعدام الاستقرار، قد اجتمعت كلها لإيجاد ظروف أسوأ مما كانت عليه حتى أيام الحرب الأهلية بين 1975 و1990". وتزايدت المخاوف الأمنية في مناطق مختلفة، مع تفاقم التوتّرات حتى مستويات خطيرة، وِفق ما عكسته الاشتباكات بين سكان باب التبانة في طرابلس والجيش اللبناني.
لذلك، أصبح وبشكلٍ حتميٍ، التّحريض على العنف جزءًا لا يتجزأ من محتوى الإعلام. وفي ظل استمرار التّوتر في عالمنا العربي لاسيّما لبنان، حتمًا ما سيؤثر ذلك على مضمون ما يُبثّ عبر شاشاتنا وما يكتب عبر مواقعنا الإلكترونيّة وجرائدنا. ووفقًا لما نلحظه، معظم ما يتم نشره أكان مقروءًا أو مسموعًا أو مرئيًا، يكون شكلًا من أشكال خطابات الكراهيّة وذلك من خلال استخدام اللغات التحقيريّة والاستفزازيّة تُجاه الحزب المُعادي مثلًا، أو الفريق المُعارض. وذلك من خلال اختيار الصّور المُسيئة للشخصية المحور في الموضوع، استخدام عناوين لافتة وجذابة تضرّ بسمعة الشخص مع اسخدام علامات تعجّب. بالإضافة إلى معالجة الأخبار بطريقة مُنحازة واختيار ضيوفٍ للمادّة تزيد من حدّية الموضوع، أكان ذلك، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.
بالمُختصر، دلالات استخدام خطاب الكراهيّة لها أشكال عديدة كالصّور المُسيئة، الصّوت العالي ونبرات التّهديد ومدّ اليد أو الإصبع، العناوين الفاضحة وعلامات التّعجب.
ومن هُنا، ضرورة إصلاح النّسيج الإعلامي والحدّ من نشر الشّائعات والمعلومات المغلوطة، بهدف مكافحة خطاب الكراهيّة ومنعه أو الحدّ منه.
أنواع التضليل الاعلامي:
أنواعٌ عديدة يمكننا الاطّلاع عليها ويمكن تلخيصها على الشكل الآتي:
1 - انتقاء بعض الكلمات والحقائق والاقتباسات والمصادر وتجاهل أخرى.
2 - التلاعب بالمعلومات وترتيب المعطيات بالتسلسل الخاطئ ليتم تفسيرها لاحقًا بأسلوبٍ مغاير ومخالف.
3 - إهمال خلفيّة الأحداث ما يجعلها ناقصة ومشوهة ولا يستطيع المتلقّي فهم الرّواية بأكملها.
4 - المزج بين الخبر وإبداء رأي الصحفي فيه.
5 - ذكر معلومات لا علاقة لها بالحدث بهدف التشويش.
6 - استخدام عبارات ومرادفات معيّنة قد تؤدّي إلى إصدار أحكام بالإدانة على المواقف والأشخاص والجماعات والدول.
7 - كتابة معلومات غير واضحة وذكر مصادر خفيّة.
8 - ادّعاء التّوازن الشكلي بين رأيين مماثلين من دون النّظر إلى آراء أخرى معارضة.
9 - اختيار قضايا ومشكلات زائفة والابتعاد عن قضايا تهمّ الجمهور.
10- ضخّ كميات هائلة من الأخبار لا يستطيع المتلقي الربط بينها أو حتى تفسيرها.
11- تشتيت الانتباه عن الفكرة الرئيسية وحصر الفكرة بأخبار تافهة.
12- التعتيم والتغييب والحذف والتجاهل.
13- حصر النقاش في جزيئات بعينها وقطعها عن الإطار العام وسياقها الطبيعي وصورتها الكاملة.
14- التضليل بقلب الصورة حتى يصل المرء إلى تصوير المجرم بأنه ضحية والضحية هو المجرم المعتدي.
15- التضليل بالإحصائيات واستطلاعات الرأي غير الحقيقية، فإما لم تحدث أصلًا وإمّا التلاعب بها وعرضها وتفسيرها بالرسوم البيانيّة المفبركة.
16- التضليل بالصورة أكان من ناحية التقاطها أو اختيار الصورة الخاطئة أو التلاعب بألوانها.