على الصَعيد الأفريقيّ
نَشهَدُ انتفاضةً لا مَثيلَ لها من قَبلُ في أفريقيا نتيجةً لِتَحالُفِ الاستعمارِ الفرنسي مع الفَسادِ الأفريقي عبرَ السنينِ الطويلةِ، ما يُعزِّزُ الانقلاباتِ السياسيّة في دُوَلٍ أفريقيّة عدّة.
إنَّ هذا المُسلسلَ بدأ لتَوِّهِ ولا بُدَّ أن تَلحقَ الدّولُ الأخرى بِقِطارِ التَغيير.
إلّا أنَّ هذا التَغييرَ غيرُ واضحِ المعالم إمّا أن يكونَ إيجابيّاً وإمّا سلبيّاً، ولكن من الواضِحِ أنَّه مدعومٌ بالقِوى الكُبرى مُباشرةً أو غير مباشرة ومِنها الولايات المُتّحدة الداعمة والمُدَرِّبَة لِجَيشِ الأيكواس الذي بدَورِه لا يحرِّكُ ساكِناً في النَيجَر كَما في الغابون.
فَهَل هناكَ تَحالُفٌ ضمنيٌّ بينَ فَرنسا المُنتِجة للبِترول في الغابون والصين المستثمرة في هذا البلد استفذّ الولاياتِ المتّحدة الأميركيّة؟
نَحنُ لا نقولُ أنَّ استثمارَ الصينِ للبِترول في شَمالِ السودان أدَّى إلى نتائجَ عظيمة، فلم يَتُم التنقيبُ عن آبارِ نِفطٍ جديدةٍ وبَقيَ الإنتاجُ المَحَلِيُّ للبترول لا يكفي الاستهلاكَ الوطني، فلا تصديرَ ولا مردودَ لهذا الشعبِ المُعذّبِ ناهيكم عن فَسادٍ طالَ جميعَ مفاصِل الدّولة.
والجَديرُ بالذِكرِ أنَّ دولةَ الصين طلبَت حمايةَ الرئيس المَخلوع علي بونغو أونديمبا المُتزوّج من فرنسيّة، والرابح زوراً في الانتخابات الرئاسيّة عام 2016.
لم تحمِ فرَنسا إيراداتِها بسببِ تشبّثِها بمَصالِحِها دونَ الحفاظ ِعلى مصالحِ الأمَّةِ الأفريقيّةِ الفرنكوفونيَّةِ ولُقمةِ عَيشِها.
فالشَعبُ الفرنسيُّ مؤمَّنٌ له كلّ شيء من طبابةٍ الى بدلِ البطالةِ... والشَعبُ الأفريقي محرومٌ من أدنى حقوقِه المعيشيّة رَغم أنّ الغابون هو رابعُ بلدٍ منتجٍ للبترول وغنيٌّ بالمعادن الثمينة والأخشاب واليورانيوم...
نَعم صُفِعَت فَرنسا على خدّيها: الأوّل من الروسي الصيني في مالي وسَحَبَت قوّاتِّها وأبقَت على سفارتِها، والثاني من الولاياتِ المتّحدةِ الأميركيّة في النيجر وهي حليفَتُها في الناتو، والآن عبر شَعبِ الغابون الذي ذاق الأمَرّين من استعمارٍ استبداديٍّ فاسِدٍ وانتخاباتٍ رئاسيَّةٍ مُزوَّرةٍ أيضاً.
فَرَنسا يعتريها القلقُ اليومَ، فوِفرَتُها ووِفرةُ شعبِها من وَطَنٍ يُساوي نِصفَ مَساحَتِها تَقريباً في أفريقيا الوُسطى (الغابون). تَنعَّمتِ ثمَّ تَكَبَّرت على شعبٍ فقيرٍ يا فَرَنسا!
على الصَعيد اللبنانيّ
وهي تقولُ اليوم: "إنَّني أتشبّثُ بلبنانَ الفرنكوفونيّ لأعوّضَ خَسارتي ولو اضطّرَرتُ إلى التحالفِ مع الشَيطانِ الفاسِد".
ونحنُ نقولُ لها: "ألم تَتَعلّمي من تاريخِكِ ومن سياساتِك الخاسِرة على المَدى الطّويل؟"
التَحالُفُ مع الفاسِدين لا يؤدّي إلى نتائج مُرضية يا أمَّنا الحنون غير المبالية!
خَسِرتِ يا فَرَنسا مرًّةً أخرى: خَسِرتِ اقتصاداً مُزدَهراً، خَسِرتِ احترامَكِ، خَسِرتِ مِصداقيّتَكِ ولم يَعُد أحدٌ يؤمنُ بِكِ.
لبنانُ خارج إطارِك. إن أردتِ العَروسَ عليكِ احترامِ أهلِها، ومن دَخَلَ من الشُبَّاك لا بدَّ أن يَخرُجَ مِنه.
إصحِ يا فَرَنسا من غَيبوبتك الطويلة، إصحِ فصارت كِنيتُكِ: "الرَجُل الضَعيف".
نتمنّى أن يَربَحَ الوَطنُ الأفريقي بالاتّحادِ على كلِّ أساليبك المُلتويَةِ عَبرَ السِنين.
لُبنانُ صَحَى من غَيبوبتِه وإن لم تَتَعامَلي مع شعبِه كما تَتَعامَلين مع مُواطنيكِ فأخرُجي ولا تَعودي، نَحنُ كَبِرنا يا فَرَنَسا، لم ولن تكوني يَوماً أمَّنا الحَنون.