النهار

الصديق ايلي سالم
تصادف في الحياة أشخاصاً مرحين جداً، لكن من النادر أن تصادف شخصية أكاديمية شغلت مركز رئيس جامعة البلمند لعقود ووزير خارجية لبنان في أصعب مرحلة من تاريخه، ولا يزال يحرص على شخصيته المرحة الطبيعية العفوية
A+   A-
تصادف في الحياة أشخاصاً مرحين جداً، لكن من النادر أن تصادف شخصية أكاديمية شغلت مركز رئيس جامعة البلمند لعقود ووزير خارجية لبنان في أصعب مرحلة من تاريخه، ولا يزال يحرص على شخصيته المرحة الطبيعية العفوية
بعكس أخيه الدكتور فيليب سالم صاحب الشخصية الرصينة جداً الذي يشعرك من خلالها أنه يحمل على كتفيه هموم لبنان وهموم العالم بأسره وهموم مكافحته لأبشع أنواع المرض في مختبره في هيوستن.
يحرص إيلي سالم ويغالي بالمرح ويستحق تسميته بالإنكليرية the funny guy. فاذا ما تكلم بالسياسة لا يتكلم كغيره بالنظريات السياسية والأحداث التي شارك في صنعها، بقدر ما يكلمك عن أغرب الأمور التي حدثت معه، ومنها كيف هجم على عبد الحليم خدام وضربه في مكتب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بسبب تطاوله على اللبنانيين، وضحك حافظ الأسد كثيراً عندما أخبره بالحادثة، لمحبته الدكتور إيلي سالم.
يمكنك أن تختلف مع إيلي سالم في كل شيء، لكن من المستحيل أن تكرهه لخفّة دمه وهضامته وذكائه الحاد.
لا ينكر تعصّبه للبنان ولأرثوذوكسيته ولكورانيته ولبلدته بطرّام. وهو ثابت على هذا الحب وعلى مرحه وعفويته ما يقارب أكبر وحدة لقياس الزمن أمد الله في عمره، ولا يزال يحتفظ بحيويته بذاكرة الفيل التي لديه بانتصاب قامته ورجاحة عقله.
في ندوة بنادي الصحافة حضرتها منذ 15 عاماً للدكتور فيليب سالم وإلى جانبه الدكتور إيلي سالم، صال فيها الأول وجال. وعندما جاء دور إيلي سالم علّق على ما قال أخوه قائلاً إنه يريد أن يغير العالم. وروى أن أخاه فيليب طلب من أبيه أن يرمم منزل والديه ويركّب نظاماً للتدفئة والتبريد، واعترض الوالد وقال له: "شو إنت أحسن من الله". ودُهش فيليب من هذا الجواب ولجأ إلى أخيه إيلي ليساعده على فهم ماذا يقصد أبوه، وبسؤال إيلي أباه عن دخل الله بالقضية فأجابه والده: الله عمل البرد لنبرد والشوب لنشوّب وفيليب يريد أن يغير الطبيعة. وضحك الحضور على خفة دم إيلي وذكاء والده كيف اخترع أذكى طريقة لثني ابنه عن أن يمس بحالة بيت العائلة.
عندما ذكّرت الدكتور إيلي بهذه الواقعة بدا لي أنه لم ينسَها وكانت مناسبة لأتحدث عن ذكرياتي يافعاً عن أديب سالم (والد إيلي وفيليب وأخوته الدكاترة كلهم منذ خمسينيات القرن الماضي) وكاتب عدل الكورة رحمه الله وكان شخصية كورانية فريدة.
تأثر إيلي وهو يهدي الزميل الذي استضافنا كتابه الأخير الذي كتبه مؤخراً عندما قلت له: أنتم مقصرون بحق أديب سالم ولم ينكر وهجم عليّ ليقبّلني ووعد بأن يفي الوالد حقه.
كانت جلسة ممتعة عابقة بالذكريات استضافني فيها الزميل وزوجته أنا والدكتور إيلي فقط، لأني لم أعد أطيق الجموع
وعلى رغم صداقتي لبيت أديب سالم لم أزر إيلي يوماً في مكتبه في رئاسة جامعة البلمند كي لا يخالجه أي شك أن في نيتي أن أطلب خدمة منه، وكان مكتبه مفتوحاً لأهل الكورة برمّتهم، وكانت وجهة أولادي الجامعة الأميركية في بيروت قبل أن يكملوا تخصصهم في أميركا.



الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium