النهار

آراء سوريّة في وجه الطوفان
المصدر: النهار - عدنان الطالب – سوريا
آراء سوريّة في وجه الطوفان
هجوم المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول 2023 حدثٌ يصنع تاريخً
A+   A-
هجوم المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول 2023 حدثٌ يصنع تاريخًا، وهذا ما اعترف به العدو قبل الصديق، والفرحة غمرت الشعب العربي وأعادت إليه بارق الأمل، وفوجئ بالعدو الذي تسترضيه الحكومات يحترق كنمر من ورق بنيران فصيل مسلح واحد محصور في مساحة تكاد تكون أصغر من أصغر محافظة عربية،
وكذلك حال السوريين وهم الذين رضعوا القضية منذ طفولتهم وصبروا على نظام مجرم استغلهم بها خمسين سنة، وأكثر صبرهم كان أملًا بحرب التحرير.
لكن 13 سنة من الحرب السورية والشتات بعد الثورة أخرجت بضعة أصوات ضمن المعارضة السورية تعارض عملية طوفان الأقصى وهم بذلك ثلاثة أنواع، سأحاول تفنيدها واحدًا واحدًا.
أما الأول وهم أقل القلة لكن وجب ذكرهم لأجل الموضوعية، إنهم العملاء، ليس بالضرورة للكيان المحتل لكن للمال، أو الوعود، … أو …الخ
وهؤلاء لا يستحقون الرد إلا بجملة واحدة: " فلتبحثوا عن آبائكم!".
النوع الثاني وهم شباب لا يقلون وطنية عمّن يحاربون في غزة ربما، لكنهم طوباويون "إما أن تكون مع الحق دائمًا أو فأنت ظالم والحق واحد لا يتجزأ سواء في سوريا أو فلسطين أو حتى في المريخ"، ومشكلتهم مع حماس أنها طبّعت مع الأسد وهو ما أصابهم بخيبة أمل دلهم أن حماس تحارب بالوكالة عن إيران.
هو أمرٌ محزنٌ بالفعل لكن..
لنضع أنفسنا مكان حماس ولنسأل ما هي الموارد المتاحة لنا لنصرة قضيتنا؟ الخليج؟ ونحن نعرف أن أقصى ما يقدمه بعض المال للإعمار بعد القصف واستنكارات وتنديدات تنحدر إلى دعوات لضبط النفس للطرفين ووساطات للتفاوض، ويصل اليوم في دول نعرفها إلى التطبيع والدفاع عن المحتل في أكثر دركات الزمان انحطاطًا!
أم مصر؟ لو فتحت مصر عمقًا استراتيجيًا مستدامًا للمقاومة الفلسطينية لكانت إيران على هامش المشهد، لكن النظام المصري مع كل عاصفة يغلق معبر رفح وينصاع لمصالحه مع إسرائيل إذ أنه النظام العربي الأكثر تبادلًا اقتصاديًا مع الكيان المحتل.
أما الخامس عالميًا في التبادل الاقتصادي مع الكيان فهو صديقنا صاحب المنابر الرنانة والخطب المخدرة أردوغان والرجل واضح تمامًا أنه مستعد للمساومة على كل شيء مع أيٍّ كان لضمان مصالحه وامتداد حكمه، ديكتاتور براغماتي يعرف كيف يلعب الديمقراطية.
ثم حسنًا المعارضة السورية أيضًا لم توفر أي فرصة لاستجداء الجميع ابتداءً من أردوغان الذي أقصى الأكراد، إلى الأميركيين الذين دمروا العراق وأفغانستان، إلى الفرنسيين…
والأكراد استعانوا بالروس والأميركيين وغيرهم..
وهذا ضروري في واقعنا الديستوبي إذ أن كل صاحب قضية يستعين بمجرم على مجرمه ذلك أن الحق واحد لكنه متفرق؛ فلو عرضت أميركا على المعارضة صواريخ مضادة للطائرات لن ترفضها لأن الأميركيين يساهمون في دمار غزة ودعم الاحتلال الإسرائيلي!
ثم هنالك أمر آخر: ما أهمية تأييد أو رفض خالد مشعل لإيران أو للنظام؟ لو كان الرجل صاحب صوت لرأيت الجموع اليوم على حدود القدس.
يبقى لدينا النوع الثالث وهم من يخافون حقًا على أرواح الناس ذلك أنهم أصيبوا وذاقوا اللوعة من قتل أهلين أو تهجير أو دمار بيت وتغيير حياة... فرأيهم أنه كان على حماس تأمين دول وقوى مساندة فهل تستحق العاطفة دمار قطاع غزة بالكامل وتخيير مليوني إنسان بين الموت أو التهجير؟
سأذكرهم فقط أنه من الصعب إقناع من يعيش في الجحيم أن هنالك جحيماً أقسى... قد يكون الموت هو الخيار الأفضل في بعض الأحيان وكذلك كان لنا في مطلع الثورة التي هتفت لها آلاف الجموع "الموت ولا المذلة"، ثم إن تجربة فصائل المعارضة السورية تختلف تمامًا عن تجربة حماس فهي منظمة ولديها العديد من المصادر والأوراق التي تلعب بها ولا أعتقد أن من خطط لعملية بهذه الدقة لم يدرس ردّات الفعل وآليات التعاطي معها. والأيام هي الحكم.
وأؤكد أن هذه الآراء الثلاثة لا تمثل إلا قلة قليلة من الطيف السوري الذي يعتبر القضية الفلسطينية هي قضيته الأولى رغم جراحه وآلامه، ولو فتحت له الحدود لرأيت طوفانًا بشريًا لا يهدأ حتى يغسل الأقصى من دنس الصهاينة. لكن الحدود لن تفتح فنظام الأسد استهوته حصّالة "حق الرد" بعد أن أصبحت سماء سوريا مرتعًا لطيران الاحتلال، أو أن الرجل حقًا لا يعنيه الأمر فبوصلته هي كرسيه وهمه خط الكبتاغون كأي زعيم مافيا وضيع، بل هو أكثر وضاعةً إذ إن صواريخه وجيشه يقصف أبناء البلد في شمال سوريا بإجرام يفوق إجرام الصهاينة. ومن أباد الفلسطينيين في مخيم اليرموك لن ينتصر لهم في غزة.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium