يحاول لبنان المنكسر سياسياً مع الفراغ المتنقّل بين مؤسّساسته، لا سيّما كرسي رئاسة الجمهورية، أن يضمّد جراحه ويتجنّب المزيد من الخسائر الاقتصادية الدامية في قطاعاته كافة، إلا أنه يواجه أحداثاً تُعيده دوماً إلى الوراء.
فلبنان الآن، بل اللبنانيون جميعاً قلقون ممّا يجري في غزة فلسطين، ليس فقط خوفاً من امتداد الحرب إلى لبنان، بل خوفاً من تأثيرها الاقتصادي الهائل الذي سيعيشه اللبنانيون إن وقعت؛ فلبنان لن يتحمّل تكلفة حرب جديدة. إن الوضع الآن مغاير تماماً لما حصل في عام ٢٠٠٦، لأن التعاطف الدولي الذي كان يحتضن لبنان آنذاك انعكس تماماً الآن؛ فالمجتمع الدولي الآن يرى أن العدو الإسرائيلي هو من بحاجة إلى الدعم، وأن القوى المواجهة له هي من ستتحمّل تبعات الحرب.
لبنان، ومنذ ما يقارب الخمس سنوات، يحمل أعباء اقتصادية هائلة، وقد فقد خلال هذه السنوات مجمل ما بناه منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية. فالنمو أصبح عجزاً، والناتج المحلي الإجمالي أصبح ديوناً، ولا إنتاجَ اقتصادياً. فكيف لهذا البلد أن يتحمّل ما ستجلب الحرب من خسائر وويلات؟ لا نتكلّم هنا على مواقف سياسية، إنما على وضع ماليّ ونقديّ واقتصاديّ منهار تماماً بلا حروب، فكيف إن زدنا على ذلك حرباً لا نعرف نتائجها، ولا نعرف في أيّ زمان ستنتهي؟
إن لبنان الآن يقف ما بين انهيار اقتصاديّ كبير داخلياً وبين طبول الحرب التي لا نتمنّاها لأحد خارجياً، ولبنان كان دائماً من يدفع ثمن الحروب الإقليمية من دمه وماله واستقراره.