يقول عمرو الجندي: "إن الحقيقة لا تأتي إلا من خلال الألم، فكلما كان الألم عميقاً، كلما كانت الحقيقة أكثر وضوحاً".
من أهم شروط العمل الإعلامي ومرتكزاته المصداقية والشفافية والبعد عن التحيز، ولكن إلى إي مدى يلتزم الإعلاميون بهذه الشروط في ظل تعدد
الغايات والأهواء والأجندات التي يعمل البعض من أجلها؟
لقد باتت الأخبار الكاذبة والمشوهة جزءاً من حياتنا اليومية وصدقيتها هاجساً يؤرق مضاجع المتلقين من مستمعين ومشاهدين وقراء، لا سيما في ظل التطور التكنولوجي الهائل، والذكاء الاصطناعي القادر على إعادة إحياء الموتى بالصوت والصورة عبر تقنية الهولوغرام وغيرها من تقنيات العالم الافتراضي القادرة على إنشاء بيئة محاكاة تفاعلية وكأنها حقيقية سواء بالصوت أو الصورة أو الفيديوهات.
نعيش اليوم حرباً إعلامية بين أنصار الحق وأنصار الباطل، حرباً تعددت الأطراف فيها، من أصحاب حق مضطهدين ومُدانين متمثلين بأهالي غزة، وآخرين مدعين حق ظالمين مالكين أسرار القوة العسكرية والإعلامية في ظل تعاطف دولي ورسمي مع إسرائيل.
في هذه الحرب، انتشرت الأخبار المزيفة والتضليل الإعلامي بدءاً من إظهار حماس كميليشيا إرهابية تتخذ من المدنيين دروعاً بشرية، مقابل إظهار إسرائيل صاحبة حق في الدفاع عن نفسها بعد وقوعها ضحية لهجوم حماس، وتحت هذه الذريعة أمعنت في قتل الأبرياء وارتكبت المجازر، ليصل عدد القتلى في قطاع غزة الى 7326 نصفهم من الأطفال مقابل 1400 إسرائيلي. في هذه الأثناء توجه بعض الصحافيين الغربيين بسؤال شخصيات عربية معروفة "هل تدينون حماس"؟
برأيكم هل هذا هو السؤال المناسب لوضع حد للهجوم على غزة ووقف المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني؟ بالتأكيد لا، فطرح سؤال كهذا هو جريمة بحد ذاته.
ولكن ما هي الغاية من طرح هذا السؤال؟ واضح أن لدى الصحافة الغربية أجندات سياسية وإيديولوجيات خاصة بها، تقوم بمتابعتها وتحرص على عدم خرقها حتى لو كانت على حساب تغيير الحقائق والتلاعب في عناوين الأخبار.
وهنا يبرز السؤال، هل تقتصر الجرائم على القتل؟ إن عدم نشر الحقيقة وتزويرها وتحريفها يعد جريمة بحق الشعوب المضطهدة.
في تاريخ 27/10/2023، قطع العدو الإسرائيلي الإنترنت والكهرباء عن قطاع غزة، كي لا يتمكن العالم من معرفة ما يدور داخلها. وبدأ الهجوم براً وبحراً وجواً.
ولكن أين الصحافة الغربية من كل ما حدث في تلك الليلة؟ أين الحكام والقادة وجمعيات حقوق الانسان؟ أين الحقيقة؟
إن ليلة 27 تشرين الأول كانت بمثابة إعلان ينعى الإنسانية التي سقطت يوم إضطررنا إلى إقناع العالم أن قتل الأطفال ليس أمراً عادياً.
لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي، عيوننا إليك ترحل كل يوم، وإنني أصلي.