ليتنا بقينا في رحم الأم حيث الدفء وعالم الأمان، لكننا خلقنا وعلقنا. بدل أن نقول خلقنا وفرحنا. قبل أن نفتح أعيننا نبكي. لماذا نبكي؟ نأتي إلى هذه الدنيا ونحن نبكي، ونموت ونحن نبكي. نستقبل حياتنا بالدموع ونودعها بالدموع. إذاً نبكي لأن كل شيء أصبح مبكياً. أية حرب هذه تمنع حقوق الإنسان. يحاصرون ويحرمون من كل حقوق الإنسانية؛ لا ماء ولا طعام ولا طبابة. أين القانون الدولي، وأين العدالة؟ العالم اليوم يشهد على حصار جماعي ضد الإنسانية. البرد آتٍ والشتاء قارس والطريق طويلة للوصول. تهجر الناس من بيوتهم. كل عائلة تمضي إلى حيث لا تعلم، لكنهم يواصلون الطريق بعيداً عن الدمار والخراب حيث لا دم ولا أكفان. فالأطفال كانوا يغنون في باحة المستشفى ويلعبون. فوجدتهم لا يمكنهم النسيان. فهذه المشاهد حقيقية، سيبقون ويكبرون كل يوم في قلوب هذا الشعب العظيم. الميلاد المجيد يدق الأبواب قريباً، فأي باب سيدق بعد الآن؟ ومن سيفتح له الباب؟ لم يعد هناك أطفال ولا أجراس كنائس ولا زينة للميلاد. دمرت غزة وأصبحت مقبرة الحياة. تاريخ يؤرخ حاضراً ومستقبلاً ليشهد عليه كل العالم. غزة صامدة هي القدس المقدسة بتاريخها. أما الآن فأصبحت بالأكفان البيضاء كالثلج يكسو أرض فلسطين حزناً بالميلاد، يواصلون سيراً على الأقدام، جف الحلق من الماء وانشقّت الأرجل من المشي، القلب يناديهم للالتفات نحو الخلف، هناك أصوات لن تفارقهم أينما رحلوا. حروب إجرامية قاتلة للبشر، معتقدين أن بالظلم والدم البريء وبالإجرام سيحققون الانتصارات. أين الحوارات الدبلوماسية والحلول العدلية والقوانين الدولية؟ أين عقلانية العقول والسياسة العادلة؟