النهار

إلى أين تتجه الحرب بين حماس وإسرائيل؟
المصدر: النهار - سجد عابدي
إلى أين تتجه الحرب بين حماس وإسرائيل؟
بدأ هجوم حماس على إسرائيل في ۷ أكتوبر ٢٠٢٣ضد المدن الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة في نفس وقت الأعياد اليهودية المعروفة باسم عيد العرش
A+   A-
بدأ هجوم حماس على إسرائيل في ۷ أكتوبر ٢٠٢٣ضد المدن الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة في نفس وقت الأعياد اليهودية المعروفة باسم عيد العرش وسمحات التوراة وكذلك الذكرى الخمسين لحرب يوم الغفران عام ١٩٧٣وفي حوالي الساعة ٠٦:٣٠ صباحا بالتوقيت المحلي أعلن القائد العسكري لحركة حماس محمد الضعيف عن بدء عملية اقتحام الأقصى من خلال نشر رسالة مسجلة وفي هذه العملية تم إطلاق أكثر من ٥٠٠٠ صاروخ من قطاع غزة باتجاه المواقع والمطارات والمواقع العسكرية الإسرائيلية مما أدى إلى انطلاق أجراس الإنذار في جميع أنحاء إسرائيل ويعتبر الهجوم المفاجئ الذي شنه الفلسطينيون والذي تم تنفيذه من الجو والأرض على الأراضي المحتلة أسوأ وأكبر فشل للدفاع والاستخبارات والجيش الإسرائيلي منذ حرب يوم الغفران عام ١٩٧٣.
أدى الهجوم المميت والمفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل في ٧ أكتوبر/تشرين الأول وما أعقبه من قصف انتقامي للجيش الإسرائيلي على غزة إلى مقتل أكثر من ٤٠٠٠ شخص وإصابة ١١٠٠٠ آخرين من الجانبين ونتيجة لهجوم حركة حماس قُتل وجُرح عدد كبير من الإسرائيليين وتم أسر عدد كبير منهم ونقلهم إلى قطاع غزة إن عدداً كبيراً من القتلى والجرحى والأسرى الإسرائيليين في هذه المعركة هم من الجنود والبقية من المستوطنين المحتلين وهذه السمة وخاصة العدد الكبير من الأسرى الإسرائيليين زادت من أهمية العملية وأبعادها السياسية والاستراتيجية بالنسبة للفلسطينيين لأن إسرائيل في تجاربها السابقة مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية اضطرت أحياناً إلى إطلاق سراح العشرات والمئات من الفلسطينيين والمقاومين العرب مقابل عمليات تحرير جندي أو حتى استعادة جثة إسرائيلي.
ويستفيد الجيش الإسرائيلي من كافة أنواع الأسلحة والمعدات والتقنيات والأدوات العسكرية الجديدة في العالم سواء في الجو أو في الأرض أو في البحر ومن وجهة النظر هذه فإن القوة العسكرية الإسرائيلية لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بالقوة العسكرية المحدودة والصغيرة التي تتمتع بها حماس لأن كلا من حماس والجهاد الإسلامي هما جماعتان حربيتان لا تمتلكان المعدات العسكرية التقليدية التي تمتلكها الجيوش مثل الدبابات والطائرات والمروحيات والقنابل المدمرة إنهم لا يقاتلون إسرائيل إلا بالأسلحة الخفيفة والصواريخ وبشكل غير متكافئ وهنا بالضبط يكمن ضعف الجيش الإسرائيلي في الأساس على الرغم من امتلاكها جيشا كبيرا ومجهزا تجهيزا جيدا فإن إسرائيل ضعيفة في مواجهة حرب غير متكافئة ولا تملك القوة للتعامل معها وهي معرضة للخطر بشكل خاص من وجهة نظر نفسية تدرك حماس جيدًا نقاط الضعف هذه وتستخدمها للاشتباك مع الجيش الإسرائيلي ولذلك تعتبر هذه العملية انتصارا ونجاحا كبيرا لحماس.
يمكن فحص هذه العملية وتقييمها من عدة أبعاد بداية إنها المرة الأولى التي يتحول فيها الفعل من الوضع الدفاعي إلى الوضع الهجومي في تاريخ المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني حتى السنوات الأخيرة كان الصهاينة وإسرائيل دائمًا في موقع هجومي وكان الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية دائمًا في موقع دفاعي وفي حدث تاريخي نادر تمكنوا خلال ساعات قليلة من السيطرة على مساحة تعادل مساحة قطاع غزة تقريباً ثانياً حركة حماس إلى جانب حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى وخاصة حركة الجهاد الإسلامي في شريط ساحلي صغير وتحت حصار شبه كامل من قبل العدو وتحت المراقبة والتجسس المستمر من قبل المؤسسات العسكرية والأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية بأكبر قدر ممكن مرافق تكنولوجية مجهزة والقوات المتخصصة كانت منذ فترة طويلة في حالة استعداد للعمليات كان كبيرا ومعقدا للغاية وتمكنوا من إدارة الموضوع بطريقة لم تتسرب أي معلومات إلى العدو الإسرائيلي الأمر الذي فاجأ بطريقة أو بأخرى جميع القوات الإسرائيلية . ثالثا في هذه العملية ولأول مرة رافقت قاذفات الصواريخ الإسرائيلية هجوم مقاتلي حماس من الحدود البرية بالتسلل عبر السياج ومن البحر باستخدام الزوارق الحربية وأيضا من الجو بإرسال مظليين وكان هجوم المظليين وقدرتهم على المرور عبر أنظمة الدفاع الجوي دون أن يتم كشفهم عاملاً حاسماً في عملية التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية وأطلقت حماس على وحدة المظليين التي اخترقت السياج الحدودي مع إسرائيل اسم "سرب صقر" أي الصقر وتمكن المسلحون الفلسطينيون من التحليق فوق السياج الحدودي باستخدام طائرات شراعية ذات مقاعد مفردة أو مزدوجة وقد انطلق هؤلاء المظليون المسلحون من قطاع غزة تحت غطاء النيران الصاروخية الإسرائيلية الكثيفة وكان بعضهم يحلق على ارتفاع منخفض بينما كانت طائرات شراعية أخرى تحلق في السماء وكان هؤلاء المظليون مرئيين بوضوح بالعين المجردة في سماء غزة في إسرائيل لكن ضعف أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية بما في ذلك القبة الحديدية كان أن هذا النظام مصمم لتتبع ومواجهة الأجسام الطائرة البسيطة والصغيرة مثل الطائرات الشراعية.
وما هو واضح على أرض المعركة أن إسرائيل تسعى بدعم قوي من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية إلى توسيع نطاق التفجيرات وزيادة الخسائر البشرية، ولذلك فإن الخيار الأفضل أمام إسرائيل لإدارة الأوضاع الجديدة والسيطرة عليها هو تحويل المعركة الحيوية الحالية ضد نفسها إلى معركة عالمية إن ما يشاع عن أن الحدث والمعركة الراهنة في غزة يشبه ١١ سبتمبر لإسرائيل والمنطقة هو محاولة مقصودة من الغرب وأميركا للدخول إلى مسرح التطورات والتعامل مع الجبهة ضد إسرائيل على حسابهما الخاص وبالنظر إلى أولويات الولايات المتحدة لاحتواء الصين وروسيا وتورط الغرب وحلف شمال الأطلسي في حرب أوكرانيا فإن احتمال حدوثها منخفض للغاية كما أن رحلة بلينكن إلى قطر والإمارات والسعودية وإسرائيل من أجل عدم تصعيد نطاق الحرب دليل على هذا الادعاء ولذلك فإن إسرائيل وأميركا تركزان حالياً على الانتقام من أهل غزة والإبادة الجماعية والعقاب الجماعي للفلسطينيين ولو باستخدام ذخيرة الفوسفور الأبيض في هذه المنطقة وهي مسألة أقرتها منظمة هيومن رايتس ووتش واستخدامها يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان وتعريض حياة المدنيين للخطر.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium